فاضطرب البحر اضطرابا شديدا وعظمت أمواجه وخفنا الغرق فنجانا الله تعالى بفضله وسمعت الملاحين يقولون هذه سمكة تعرف بالبغل قال ورأيت في البحر سمكة كالجبل العظيم ومن رأسها إلى ذنبها عظام سود كأسنان المنشار كل عظم أطول من ذراعين وكنا بيننا وبينها في البحر أكثر من فرسخ فسمعت المالحين يقولون هذه السمكة تعرف بالمنشار إذا صادفت أسفل السفينة قصمتها نصفين ولقد سمعت أنا من يقول أن جماعة ركبوا سفينة في البحر فأرسوا على جزيرة فخرجوا إلى تلك الجزيرة فغسلوا ثيابهم واستراحوا ثم أوقدوا نارا ليطبخوا فتحركت الجزيرة وطلبت البحر وإذا بها سمكة فسبحان القادر على كل شيء لا إله إلا هو ولا معبود سواه وقيل إن في البحر سمكة تعرف بالمنارة لطولها يقال إنها تخرج من البحر إلى جانب السفينة فتلقى نفسها عليها فتحطمها وتهلك من فيها فإذا أحس بها أهل السفينة صاحوا وكبروا وضجوا وضربوا الطبول ونقروا الطسوت والسطول والأخشاب لأنها إذا سمعت تلك الأصوات ربما صرفها الله تعالى عنهم بفضله ورحمته وقال الشيخ عبد الله صاحب تحفة الألباب كنت يوما في البحر على صخرة فإذا أنا بذنب حية صفراء منقطة بسواد طولها مقدار باع فطلبت أن تقبض على رجلي فتباعدت عنها فأخرجت رأسها كأنه رأس أرنب من تحت تلك الصخرة فسللت خنجرا كبيرا كان معي فطعنت به رأسها فغار فيه فلم أقدر على خلاصه منها فأمسكت نصابه بيدي جميعا وجعلت أجره حتى ألصقتها بباب الجحر فتركت الجحر وخرجت من تحت الصخرة فإذا هي خمس حيات في رأس واحد فتعجبت من ذلك وسألت من كان هناك عن اسم هذه الحية فقال هذه تعرف بأم الحيات وذكروا أنها تقبض على الآدمي في الماء فتمسكه حتى يموت وتأكله وأنها تعظم حتى تكون كل حية اكثر من عشرين ذراعا وأنا تقلب الزوارق وتأكل من قدرت عليه من أصحابها وأن جلدها أرق من جلد البصل ولا يؤثر فيها الحديد شيئا قال ورأيت مرة في البحر صخرة عليها شيء كثير من النارنج