وأما الفراسة فقد قال الله تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) وقال رسول الله " اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله " وقال علي رضي الله تعالى عنه ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه وقيل أشار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على علي رضي الله تعالى عنه بشيء فلم يعمل به ثم ندم فقال يرحم الله ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق .
وحكى أبو سعيد الخراز أنه كان في الحرم فقير ليس عليه إلا ما يستر عورته فانفت نفسي منه فتفرس ذلك مني فقرأ ( وأعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذوره ) فندمت واستغفرت الله في قلبي فتفرس ذلك أيضا فقرأ ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) .
وحكي عن الشافعي ومحمد بن الحسن أنهما رأ يا رجلا فقال أحدهما إنه نجار وقال الآخر أنه حداد فسأله عن صنعته فقال كنت حدادا وأنا الآن نجار .
وحكي ان شخصا من أهل القرآن سأل بعض العلماء مسألة فقال له إجلس فإني أشم من كلامك رائحة الكفر فاتفق بعد ذلك أنه سافر السائل فوصل إلى القسطنطينية فدخل في دين النصرانية قال من رآه ولقد رأيته متكئا على دكة وبيده مروحة يروح بها عليه فقلت السلام عليكم يا فلان فسلم علي وتعارفنا ثم قلت له بعد ذلك هل القرآن باق على حاله أم لا ؟ فقال له لا أذكر منه إلا آية واحدة وهي قوله تعالى ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال فبكيت عليه وتركته وانصرفت وكان الحسن ابن السقاء من موالي بني سليم ولم يكن