فأمر الغلام أن ييه بطبيب فغاب ثم جاء بالطبيب ومعه رجل آخر فسأله عنه فقال أما ضربتني وأمرتني أن أفضي حاجتين في حاجة فجئتك بالطبيب فان شفاك الله تعالى وإلا حفر لك هذا قبرك فهذا طبيب وهذا حفار وقيل كان عمرو الاعجمي يلي حكم السند فكتب إلى موسى الهادي إن رجلا من أشراف أهل الهند من آل المهلب ابن أبي صفرة اشترى غلاما أسود فرباه وتبناه فلما كبر وشب أشتد به هوى مولاته فراودها عن نفسها فأجابته فدخل مولاه يوما على غفلة منه من حيث لا يعلم فاذا هو على صدر مولاته فعمد إليه فجب ذكره وتركه يتشحط في دمه ثم أدركته عليه رقة وندم على ذلك فعالجه إلى أن برئ من علته فأقام الغلام بعدها مدة يطلب أن يأخذ ثأره من مولاه ويدبر عليه أمرا يكون فيه شفاء غليله وكان لمولاه إبنان أحدهما طفل والآخر يافع كأنهما الشمس والقمر فغاب الرجل يوما عن منزله لبعض الأمور فأخذ الأسود الصبيين فصعد بهما على ذروة سطح عال فنصبهما هناك وجعل يعللهما بالمطعم مرة وباللعب أخرى إلى أن دخل مولاه فرفع رأسه فرأى في شاهق مع الغلام فقال ويلك عرضت ابني للموت قال أجل والله الذي لا يحلف العبد بأعظم منه لئن لم تجب ذكرك مثل ما جببتني لأرمين بهما فقال الله الله يا ولدي في تربيتي لك قال دع هذا عنك فوالله ما هي إلا نفسي وإني لأسمح بها في شربة ماء فجعل يكرر عليه ويتضرع له وهو لا يقبل ذلك ويذهب الوالد يريد الصعود إليه فيدليهما من ذلك الشاهق فقال أبوهما ويلك فاصبر حتى أخرج مدية وأفعل ما أمرت ثم أسرع وأخذ مدية فجب نفسه وهو يراه فلما رأى الأسود ذلك رمى الصبيين من ذلك الشاهق فتقطعا وقال إن جبك لنفسك ثأري وقتل أولادك زيادة فيه فأخذ الأسود وكتب بخبره لموسى الهادي فكتب موسى لصاحب السند عمرو الأعجمي بقتل الغلام وقال ما سمعت بمثل هذا قط وأمر أن يخرج من مملكته كل أسود فما ترى أردأ من العبيد ولا أقل خيرا منهم وأكثرهم رداءة المولدون لو أحسنت إلى أحدهم الدهر كله بكل ما تصل يدك إليه أنكره كأن لم ير منك شيئا وكلما أحسنت إليه