من النوم لم اجد للقافلة حسا وقد ارتحلوا وبقيت منفردا لم أر أحدا ولم أهتد إلى ما أفعله وأخذتني حيرة وجعلت أضطرب وإذا بصوت هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول .
( يا أيها الشخص المضل مركبة ... ما عنده من ذي رشاد يصحبه ) .
( دونك هذا البكر منا تركبه ... وبكرك الميمون حقا تجنبه ) .
( حتى إذا ما الليل زال غيهبه ... عند الصباح في الفلا تسيبه ) .
فنظرت فإذا انا ببكر قائم عندي وبكري إلى جانبي فأنخته وركبته وجنبت بكري فلما سرت قدر عشرة أميال لاحت لي القافلة وانفجر الفجر ووقف البكر فعلمت أنه قد حان نزولي فتحولت إلى بكري وقلت .
( يا أيها البكر قد أنجيت من كرب ... ومن هموم تضل المدلج الهادي ) .
( ألا تخبرني بالله خالقنا ... من ذا الذي جاد بالمعروف في الوادي ) .
( وارجع حميدا فقد بلغتنا مننا ... بوركت من ذي سنام رائح غادي ) .
فالتفت البكر إلي وهو يقول .
( أنا الشجاع الذي الفيتني رمضا ... والله يكشف ضر الحائر الصادي ) .
( فجدت بالماء لما ضن حاملة ... تكرما منك لم تمنن بانكاد ) .
( فالخير أبقى وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت من زاد ) .
( هذا جزاؤك مني لا أمن به ... فاذهب حميدا رعاك الخالق الهادي ) .
فعجب الرشيد من قوله وامر بالقصة والأبيات فكتبت عنه وقال لا يضيع المعروف أين وضع والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
تم الجزء الاول من كتاب المستطرف ويليه الجزء الثاني وأوله الباب الثالث والأربعون