وأنزلوه إليه مقيدا وأشرف الحجاج والناس حوله ينظرون إلى الاسد ما هو صانع بجحدر فلما نظر الاسد إلى جحدر نهض ووثب وتمطى وزعق زعقة دويت منها الجبال وارتاعت أهل الأرض فشد عليه جحدر وهو ينشد ويقول .
( ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو قوة وسفك ) .
( وصولة وبطشة وفتك ... إن يكشف الله قناع الشك ) .
( فأنت لي في قبضتي وملكي ) .
ثم دنا منه وضربه بسيفه ففلق هامته فكبر الناس وأعجب الحجاج ذلك وقال لله درك ما أنجبك ثم أمر به فأخرج من الحاجز وفك عنه قيوده وقال له اختر إما أن تقيم معنا فنكرمك ونقرب من منزلتك وإما أن نأذن لك فتلحق ببلادك وأهلك على أن تضمن لنا أن لا تحدث بها حديا ولا تؤذي بها أحدا قال بل اختار صحبتك أيها الامير فجعله من سماره وخواصه ثم لم يلبث أن ولاه على اليمامة وكان من امره ما كان المهلب بن ابي صفرة كان من الشجعان ومن الابطال المعدودة وأولاده كلهم أنجاد ابطال إلا أن المغيرة من بينهم كان أشد تمكنا وكان المهلب يقول ما شهد معي المغيرة حربا إلا رأيت البشرى في وجهه وحمل عليه بعض الشجعان وفي يديه شجرة فلما رآها نكس رأسه على قربوس السرج وحمل من تحتها فبراها بسيفه وكان المهلب يقول اشجع الناس ثلاثة ابن الكليبة وأحمر قريش وراكب البغلة فابن الكليبة مصعب بن الزبير وأحمر قريش عمر بن عبيد الله بن معمر ما لقي خيلا قط إلا فرقها وراكب البغلة عباد بن الحصين ما كان قط في كربة إلا فرجها وهو من الإسلام وكان للمهلب في الحروب مكايد مشهورة ووقائعه أبادت الخوارج بعد ان كانوا قد استولوا على المسلمين وكان سيدا كريما مات حتف أنفه وكذلك ابنه المغيرة وفيه يقول زياد الاعجم