ومنها نخرجكم تارة أخرى فقال جروه فأقبلوا يجرونه وهو يقول بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم فقال الحجاج ويلكم اتركوه فقد غلبني دهاء وخبثا ثم عفا عنه وانعم عليه وخلى سبيله .
وحدث الزبير قال دخل محمد بن عبد الملك ابن صالح على المأمون وقد كانت ضياعهم أخذت فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين محمد بن عبد الملك بين يديك سليل نعمتك وغصن من أغصان دوحتك أتأذن له في الكلام فقال تكلم فقال الحمد لله رب العالمين ولا إله إلا الله رب العرش العظيم وصلى الله والملائكة على محمد خاتم النبيين ونستمتع الله لحياطة ديننا ودنيانا ورعاية أدنانا واقصانا ببقائك يا أمير المؤمنين ونسأل الله أن يمد في عمرك من أعمارنا وأن يقيك الأذى بأسماعنا وأبصارنا فإن الحق لا تعفو آثاره ولا ينهدم مناره ولا ينبت حبله ولا يزول ما دمت بين الله وبين عباده والأمين على بلاده يا أمير المؤمنين هذا المقام مقام العائذ بظلك الهارب إلى كنفك الفقير إلى رحمتك وعدلك من تعاود النوائب وسهام المصائب وكلب الدهر وذهاب النعمة وفي نظر أمير المؤمنين ما يفرج كربة المكروب ويبرد غليل القلوب وقد نفذ أمر أمير المؤمنين في الضياع التي أفادناها نعم آبائه الطيبين ونوافل أسلافه الطاهرين الراشدين وقد قمت مقامي هذا متوسلا إليك بآبائك الطيبين وبالرشيد خير الهداة الراشدين والمهدي ناصر المسلمين والمنصور منكل الظالمين ومحمد خير المحمدين بعد خاتم النبيين مزدلفا إليك بالطاعة التي أفرع عليها غصني واحتنكت بها سني وريش بها جناحي متعوذا من شماتة الأعداء وحلول البلاء ومفارقة الشدة بعد الرخاء يا أمير المؤمنين قد مضى جدك المنصور وعمك صالح بن علي جدي وبينهما من الرضاع والنسب ما علمه أمير المؤمنين وعرفه وقد أثبت الله الحق في نصابه واقره في داره وأربابه يا أمير المؤمنين إن الدهر ذو اغتيال وقد يقلب حالا بعد حال فارحم يا أمير المؤمنين الصبية الصغار والعجائز الكبار الذين سقاهم الدهر كدرا بعد صفو ومرا بعد حلو وهبنا نعم آبائك اللاتي غذتنا صغارا وكبارا وشبابا وأشياخا وأمشاجا في الأصلاب ونطفا في الأرحام