قال : ولو جازَ هذا لجاز حسون وجَمُول ونعوم من أحْسن وأجْمل وأنْعَموما نحبُّ استيفاء القول في هذا الزَّلَل ولا نستفتحُ كلامنا بالمنُاقشة في هذا السهو الخَطلولعل القائل وهم حَمْلاً على قراءة حَفْص ( في الدرك الأسفل من النار ) فظنَّ أن الدَّرك بوزن فَعْل وأن فعْلاً مصدر فَعَل يَفْعَل ولم يجعله من الدَّرَك لأن الفتحَ عندهم لا يخفّف فلا يقولون في جَمَل جَمْلوذهب عليه أنه قد يكون اسماً مبنياً مثله وإن لم يكن مخفَّفاً منه كما قالوا درْكة ودركة : في حَلْقة الوَتَر التي تقع في فُرْض القَوْس فخفَّفوا وحرَّكوا .
وعلى أنهمَا لو كانا مصدرين لجاز أن يجيئا على الشُّذوذ ولا يُحْمل عليهما ما يُبنىٍ من الفعللأن الشذوذ ليس بأصل يُقاس عليه ولعله اغترَّ بقولهم دَرَّاك ودَرَّاك أيضاً شاذّلأنهم قد نقلوا أفْعل يُفْعل .
وهو قليل فقالوا : فطّرتُه فأفْطَر وبَشَّرته فأْبشَر فجاء على هذا دَركْتُه فأدْرَكقال سيبويه : وهذا النَّحْوُ قليل في كلامهم أو لعله ذهب إلى قولهم : دَرَاك مثل نَزَال فظن أنه يقال منه دَرّاك كما يقال : مَناع ونَزال من مَنَع ونزل وذهب عنه أنه قد جاء الرّباعيًّ في هذا الباب كما قالوا قَرْقار وعَرْعار في معنى قَرْقَر وعَرْعَر فأما الفرق بين الرباعي والثلاثي فهو أن سيبويه يرى إجازة فعال في موضع فعل الأمر في الثلاثي كلّه ويمنعه في الرّباعي إلا مسموعاً .
وقال غيره من النحويين : بل هما ممنوعان إلاّ مَسموعين واعتمد سيبويه في الفَرق على كثرة ما جاء في الثلاثي وقلّة ما جاء في الرباعي .
أو لعله أصغى إلى قول الراجز : - من الرجز - .
( إن يكشف اللَّه قناع الشك ... بظَفَرٍ إذاً بحاجتي ودَرْك ) .
( فهو أحقّ مَنزل بترْك ... )