سائر أحواله ولا يمنعه حاجة يسأله إياها ولا يشفع لأحد إلا شفعه فلما عزل إبراهيم بن المدبر شيّعه الناس وشيَّعه أبو شراعة فجعل يرد الناس حتى لم يبق غيره فقال له يا أبا شراعة غاية كل مودع الفراق فانصرف راشدا مكلوءا من غير قلى والله ولا ملل وأمر له بعشرة آلاف درهم فعانقه أبو شراعة وبكى فأطال ثم أنشأ يقول .
( يا أبا إسحاقَ سِرْ في دَعةٍ ... وامضِ مصحوباً فما منك خَلَفْ ) .
( ليتَ شعري أَيُّ أرض اجدبتْ ... فأُغيثَتْ بك من جَهد العَجَفْ ) .
( نزل الرُّحْم من الله بهِمْ ... وحُرِمناك لِذنبٍ قد سَلَفْ ) .
( إِنما أنت ربيعٌ باكرٌ ... حيثُما صرَّفه الله انصرَفْ ) .
قال أبو الفياض سوار بن أبي شراعة دخل أبي علي إبراهيم بن المدبر وعنده منجم فما رآه إبراهيم بن المدبر في رؤية الهلال لشهر رمضان فحكم المنجم بأنه يرى وحلف إبراهيم بعتق غلمانه أنه لا يرى فرئي في تلك الليلة .
فأعتق غلمانه فلما أصبح دخل الناس يهنئونه بالشهر فأنشده أبو شراعة يقول .
( أيها المكثر التَّجنيِّ على المال ... إذا ما خلا من السُّؤّالِ ) .
( أَفتنا في الذين أَعتقْتَ بالأمْس ... مواليكَ أَم موالي الهِلالِ ) .
( لم يكن وَكْدُك الهلالَ ولكنْ ... تتأَلَّى لِصالِح الأعمال ) .
( إنما لذَّتاك في المال شَتَّى ... صونُك العِرْضَ وابتذَالُ المالِ ) .
( ما نُبالي إذا بقيتَ سَليماً ... مَن تولَّتْ به صروفُ اللَّيالي )