وهيأوا غداءهم ولم يجئ أحد بعد إذ رمانا الباب برجل فاره البرذون حسن الهيئة فصحت بالغلمان فأخذوا دابته فدفعها إليهم ودعوت بالغداء فبسط يديه غير محتشم وجعلت لا أكرمه بشيء إلا قبله .
ثم جاء غلمانه بعد ساعة في ثقل سري وهيئة حسنة فتناسبنا فإذا الرجل طريح بن إسماعيل الثقفي .
فلما ارتحلنا ارتحلنا في قافلة غناء لا يدرك طرفاها .
قال فقال لي ما حاجتنا إلى زحام الناس وليست بنا إليهم وحشة ولا علينا خوف نتقدمهم بيوم فيخلوا لنا الطريق ونصادف الخانات فارغة ونودع أنفسنا إلى أن يوافوا .
قلت ذلك إليك قال فأصبحنا الغد فنزلنا الخان فتغدينا وإلى جانبنا نهر ظليل فقال هل لك أن نستنقع فيه فقلت له شأنك .
فلما سرا ثيابه إذا ما بين عصعصه إلى عنقه ذاهب وفي جنبيه أمثال الجرذان فوقع في نفسي منه شيء .
فنظر إلي ففطن وتبسم ثم قال قد رأيت ذعرك مما رأيت وحديث هذا إذا سرنا العشية إن شاء الله تعالى أحدثك به .
قال فلما ركبنا قلت الحديث قال نعم قدمت من عند الوليد بن يزيد بالدنيا وكتبت إلى يوسف بن عمر مع فراش فملأ يدي أصحابي فخرجت أبادر الطائف .
فلما امتد لي الطريق وليس يصحبني فيه خلق عن لي أعرابي على بعير له فحدثني فإذا هو حسن الحديث وروى لي الشعر فإذا هو راوية وأنشدني لنفسه فإذا هو شاعر .
فقلت له من أين أقبلت قال لا أدري قلت فأين تريد فذكر قصة يخبر فيها أنه عاشق لمريئة قد أفسدت عليه عقله