قال محمد بن عيسى الخزيمي هذا وكان لأبي العتاهية خادم أسود طويل كأنه محراك أتون وكان يجري عليه في كل يوم رغيفين .
فجاءني الخادم يوما فقال لي والله ما أشبع .
فقلت وكيف ذاك قال لأني ما أفتر من الكد وهو يجري علي رغيفين بغير إدام .
فإن رأيت أن تكلمه حتى يزيدني رغيفا فتؤجر فوعدته بذلك .
فلما جلست معه مر بنا الخادم فكرهت إعلامه أنه شكا إلي ذلك فقلت له يا أبا إسحاق كم تجري على هذا الخادم في كل يوم قال رغيفين .
فقلت له لا يكفيانه .
قال من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير وكل من أعطى نفسه شهوتها هلك وهذا خادم يدخل إلى حرمي وبناتي فإن لم أعوده القناعة والاقتصاد أهلكني وأهلك عيالي ومالي .
فمات الخادم بعد ذلك فكفنه في إزار وفراش له خلق .
فقلت له سبحان الله خادم قديم الحرمة طويل الخدمة واجب الحق تكفنه في خلق وإنما يكفيك له كفن بدينار فقال إنه يصير إلى البلى والحي أولى بالجديد من الميت .
فقلت له يرحمك الله أبا إسحاق فلقد عودته الاقتصاد حيا وميتا .
قال محمد بن عيسى هذا وقف عليه ذات يوم سائل من العيارين الظرفاء وجماعة من جيرانه حوله فسأله من بين الجيران فقال صنع الله لك فأعاد السؤال فأعاد عليه ثانية فأعاد عليه ثالثة فرد عليه مثل ذلك فغضب وقال له ألست القائل .
( كلُّ حَيٍّ عند مِيتته ... حظُّه مِن ماله الكفنُ ) .
ثم قال فبالله عليك أتريد أن تعد مالك كله ثمن كفنك قال لا .
قال فبالله كم قدرت لكفنك قال خمسة دنانير .
قال فهي إذا حظك من مالك كله .
قال نعم