يَقْبُح منه شيء في الكِتَاب ولا يَثْقُلُ وإنما يُكره فيه وَحْشِيُّ الغريب وتعقيد الكلام كقول بعض الكُتَّاب في كتابه إلى العامل فوقه ( وأناَ مُحْتَاجٌ إلى أن تُنْفِذَ إلَيَّ جيشًا لَجِبًا عَرَمْرَما ) وقول آخر في كتابه : ( عَضَبَ عَارَضُ ألَمٍ ألَمَّ فأنهيتُه عُذْرًا ) وكان هذا الرَّجُل قد أدرك صدراً من الزمان وَأُعْطِيَ بَسْطة في العلم واللسان وكان لا يُشَان في كتابته إلا بتَرْكِهِ سَهْلَ الألفاظ ومستعمَلَ المعاني وبلغني أن الحسن بن سهل أيام دولته رآه يكتب وقد ردَّ عن هاء ( الله ) خطا من آخر السطر إلى أوله فقال : ما هذا فقال : طُغْيَان في القلم .
وكان هذا الرجل صاحب جِدٍّ وأخا وَرَع ودينٍ لم يمزح بهذا القول ولا كان الحَسَنُ أيضاً عنده ممن يُمَازَحُ .
نستحبُّ لهُ أيضاً أن يُنَزّل ألفاظه في كتبه 17 فيجعلها على قدر الكاتب والمكتوب إليه وأن لا يعطَى خسيسً الناس رفيعَ الكلام ولا رفيعَ الناس وضيعَ الكلام فإني رأيت الكُتَّاب قد تركوا تفقّدَ هذا من أنفسهم وخلَّطُوا فيه فليس يفرقون بين من يكتب إليه ( فَرَأْيَكَ في كذا ) وبين مَنْ يكتب إليه