القادر العالم المتكلم بذلك الكلام ولم يكن ذلك المعنى المخلوق فى ذلك المحل صفة لرب العالمين وإنما يتصف الرب تعالى بما يقوم به من الصفات لا بما يخلقه فى غيره من المخلوقات فهو الحى العليم القدير السميع البصير الرحيم المتكلم بالقرآن وغيره من الكلام بحياته وعلمه وقدرته وكلامه القائم به لا بما يخلقه فى غيره من هذه المعانى .
ومن جعل كلامه مخلوقا لزمه أن يقول المخلوق هو القائل لموسى ( إننى أنا الله لاإله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى ) وهذا ممتنع لا يجوز أن يكون هذا كلاما إلا لرب العالمين وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن والتوراة وغير ذلك من الكتب بمعانيها وألفاظها المنتظمة من حروفها لم يكن شىء من ذلك مخلوقا بل كان ذلك كلاما لرب العالمين .
وقد قيل للإمام أحمد بن حنبل إن فلانا يقول لما خلق الله الأحرف سجدت له إلا الألف فقالت لا أسجد حتى أؤمر فقال هذا كفر فأنكر على من قال ان الحروف مخلوقة لأنه إذا كان جنس الحروف مخلوقا لزم أن يكون القرآن العربى والتوراة العبرية وغير ذلك مخلوقا وهذا باطل مخالف لقول السلف والأئمة مخالف للادلة العقلية والسمعية كما قد بسط فى غير هذا الموضع