إني على شغفي به وبقومه ... وبرسله بالشتم منه راض .
إن كان يمعنه الرقيب زيارتي ... فالخصم قد يرضى ويأبى القاضي .
وله في غلام متصوف : .
أأخلفت ميعادي وخلفت مهجتي ... على قلق ذاك وفرط تشوف .
نهبت فؤادي واعتقدت تصوفاً ... فلا تنهبن قلبي ولا تتصوف .
وهذا ينظر إلى قول بعض الأئمة : .
تحج احتساباً ثم تقتل مسلماً ... فديتك لا تحجج ولا تقتل الورى .
وبدر له باب المراتب مطلع ... ولكن له في حبة القلب مغرب .
أصاب صميم القلب فالصدر ملهب ... وأغرى الهوى بالصب فالصبر منهب .
وما ذات طوق يبعث الوجد نوحها ... برجع كما حن اليراع المثقب .
بأبرح مني لوعة غير أننا ... تجد بنا أسبابها وهي تلعب .
وقلت : وقد بالغت في تسويد البياض بشعره أكثر مما هو شرط الكتاب في مثله ولكني رأيت ذلك الفاضل يمت إلي بالود الراسخ وبيننا مئون من أعداد الفراسخ . ولا أدري ما يفعل بي ولا به والدهر ذو دول ينقل في الورى أيامه كتنقل الأفياء ولا آمن حلول دواعي الفناء بذلك الفناء . وليس منه بخراسان أثر ولا يحمل منه إلا على ألسنة الرياح خبر ولا عندنا من أهل الفضل من يعنى بإحياء فاضل ينشره بجميل الثناء إذا طواه الردى طي الرداء . فدونت من أشعاره ما وجدت وغرت في أقطار ذكره وأنجدت . وما أحسبني أسأت إن لم أكن أجدت إن شاء الله تعالى وحده .
وقد انحرفت من خواف إلى ناحيتي باخرز ولم لا وفي ديارات الخارز لأهل الفضل مغارس ومغارز وسد لفتق أدب ثآه الحارز . وكنت في حداثة الصبا أفردت لشعرائها كتاباً ولا بد الآن من أن أفرز إليهم من هذه الطبقات باباً وأبرم لإثبات أساميهم في هذه الورقات أسباباً عناية بأرض خرجتني وإلى هذه الرتب العالية درجتني فإذا تخطيت إلى غيرهم رقابهم وطويت طي السجل للكتاب كتابهم كنت مقترفاً إثماً ومرتكباً جناحاً : .
كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا .
فصل جعلته مفتاح هذه الطبقة وقلت : كنت أحدث نفسي زمن الحداثة وغالية الشباب لطخ المفارق قبل أن تعود سود المسائح كبيض المهارق بسلك أنظم فيه فضلاء باخرز وأدون به أسماؤهم وأبني على أرض الخلود سماءهم . فحكى لي والدي C عن لسان الحاكم عمر المطوعي أنه قال : " قرأت في كتاب معجم الشعراء تأليف المرزباني شعر محدث ملقب بالباخرزي " . فكاد الحرص يريشني في طلبه لعلي أعثر باسمه ولقبه وأقف على مقدار أدبه وما زالت الأيام تعدني فيه مواعيد عرقوب أخاه وأنا أتحراه من خزائن الكتب وأتوخاه حتى اتفق أن ورثة الأمير أبي الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي عرضوا خزانة كتبه على البيع ومعجم الشعراء في أثنائها ورغبات الفضلاء صادقة في اقتنائها والقاضي البحاثي من بينهم يعتام خيارها غالباً فيها أظفار البنان وتعلق بها تعلق الأعمى بذاك المكان . ووزن فيها عشراً من حمر الدنانير الرواقص على الأظافير وحمل الكتاب إلي " ولمن جاء به حمل بعير " وإن كانت يدي عليه يد مستعير وما زالت أقشره ورقاً فورقاً وأمسح من الجبين في تتبع هذا الفاضل عرقاً حتى انتهيت إليه وأنخت المطية عليه . وفيه ذكر أبي منصور رشيد بن منصور الباخرزي وأبيات له قضى فيها بالعدل والتوحيد ورد على العامة والحشوية وهي : .
أحمد الله حمد غير شؤوم ... عدد القطر والحصى والنجوم .
وعليه توكلي وإليه ... رغبتي لا إلى الحقير اللئيم .
أنعم المفضل الوهوب على النا ... س جميعاً حديثها والقديم .
وهدى الشيب والشباب صراطاً ... مستقيماً والخير في المستقيم .
كلف الخلق دون ما يستطيعو ... ن ولم يرض غير دين قويم .
جل رب السماء عما يضيفو ... ن إليه من القبيح الذميم