الشيخ جمال الدين ابن مالك محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الإمام العلامة الأوحد جمال الدين أبو عبد الله الطائي الجياني الشافعي النحوي نزيل دمشق ولد سنة إحدى وسمع بدمشق من مكرم وأبي صادق الحسن بن صباح وأبي الحسن السخاوي وغيرهم وأخذ العربية عن غير واحد وجالس ابن عمرون وغيره بحلب وتصدر بحلب لإقراء العربية وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية وأربى على المتقدمين وكان إماماً في القراآت وعللها صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في قدر الشاطبية وأما اللغة فكان إليه المنتهى فيها أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الثناء محمود C من لفظه قال : جلس يوماً وذكر ما انفرد به صاحب المحكم عن الأزهري في اللغة قلت : وهذا أمر معجز لأنه يريد ينقل الكتابين وأخبرني عنه أنه كان إذا صلى في العادلية لأنه كان إمام المدرسة يشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان إلى بيته تعظيماً له وقد قرأت ألفية الشيخ المسماة بالخلاصة من لفظي على الشيخ شهاب الدين المشار إليه ورواها لي عنه ورويتها بالإجازة عن ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر وعن شهاب الدين ابن غانم بالإجازة عنهما عنه وأما النحو والتصريف فكان فيهما بحراً لا يشق لجه وأما اطلاعه على أشعار العرب التي يستشهد بها على النحو واللغة فكان أمراً عجيباً وكان الأيمة الأعلام يتحيرون في أمره وأما الاطلاع على الحديث فكان فيه آية لأنه أكثر ما يستشهد بالقرآن فإن لم يكن فيه عدل شاهد إلى الحديث وإن لم يكن فيه شيء عدل إلى أشعار العرب هذا مع ما هو عليه من الدين والعبادة وصدق اللهجة وكثرة النوافل وحسن السمت وكمال العقل وانفرد عن المغاربة بشيئين الكرم ومذهب الشافعي أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل بالجامع والتربة العادلية وتخرج به جماعة وكان نظم الشعر عليه سهلاً رجوه وطويله وبسيطه وصنف كتاب تسهيل الفوايد مدحه سعد الدين محمد بن عربي بأبيات مليحة إلى الغاية وهي : .
إن الإمام جمال الدين جمله ... رب العلى ولنشر العلم أهله .
أملى كتاباً له يسمى الفوايد لم ... يزل مفيداً لذى لب تأمله .
فكل مسألة في النحو يجمعها ... إن الفوايد جمع لا نظير له .
وفي هذه الأبيات مع حسن التورية فيها ما لا يخلو من ايراد ذكرته في كتابي فض الختام عن التورية والاستخدام ومن تصانيفه : سبك المنظوم وفك المختوم وكتاب الكافية الشافية ثلثة آلاف بيت وشرحها والخلاصة وهي مختصر الشافية وإكمال الإعلام بمثلث الكلام وهو مجلد كبير كثير الفوايد يدل على اطلاع عظيم ولامية الأفعال وشرحها وفعل وأفعل والمقدمة الأسدية وضعها باسم ولده الأسد وعدة اللافظ وعمدة الحافظ والنظم الأوجز فيما يهمز والاعتضاد في الظاء والضاد مجلد وغير ذلك وإعراب مشكل البخاري أنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال : أنشدني علي بن منصور بن زيد بن أبي القسم الهمذاني التميمي قال : أنشدنا الشيخ جمال الدين ابن مالك لنفسه : .
إل ابن الخير عن ضرراً خشيتا ... فحسن الحزم رأياً إن دهيتا .
وهذا مذهب وعر مداه ... مواصل غرة قد حان صيتا .
إذا الملهوف ذا صدق عطاء ... تنل حسن المحامد ما حييتا .
قلت : كذا أنشدنيه العلامة أثير الدين بفتح اللام من ال وفتح النون من ابن وبنصب ضرروفتح النون من حسن وضم الميم من الحزم وكسر الباء من مذهب وفتح الفاء من الملهوف ونصب الهمزة من عطاء وضم النون من حسن وفتح الدال من المحامد وتفسيره أن ال امر وابن مفعول وعن بمعنى أن أبدلت الهمزة عيناً وحسن فعل ماض وذا مذهب حال ومواصل فاعل وإامر وذا الملهوف مفعول وعطاء مفعول ثان وحسن منادى والمحامد مفعول تنل ومن نظم الشيخ جمال الدين محمد بن مالك C تعالى : .
تثليث باإصبع مع شكل همزته ... بغير قيد مع الاصبوع قد نقلا .
وأعط أنملة ما نال الاصبع إ ... لا المد فالمد للبا وحدها بذلا .
أرز أرز أرز صح مع أرز ... والرز والرنز قل ماشئت لاعذلا .
لدن بتثليث دال لدن لدن لدن ... ولد ولد لد لدن أوليت فعلا