وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولم تزل عساكر الزنج تعيث وتفسد وتغير في أعمال الأهواز وعسكر مكرم وتستر وما صاقب هذه النواحي يقتلون الرجال ويسبون النساء والأولاد وينهبون الأموال فحصل الخبيث على أموال وجواهر استأثرها وأعطاها نساءه وأولاده فأنكر ذلك عليه جماعة منهم فقال : نسائي ليس كنسائكم إنهن امتحن بصحبتي وحرمن من بعدي على الرجال ولي بذلك أسوة برسول الله A وبأئمة الهدى من بعده . فقيل له : أن أبا بكر وعمر تزوج الناس بنسائهما فقال : ليس فيهما قدوة وأما علي فقد أثم من تزوج نساءه بعده . وادعى أن قوله تعالى : " أنه استمع نفر من الجن . . . " قد أنزلت فيه و " أنا عبد الله " الذي قام يدعوه . وكانوا عليه لبدا . وادعى أنه الرجل الذي " جاء رجل من أقصى المدينة يسعى " . وقال : أنزل في سورة من القرآن مجردة ليس فيها ذكر غيري وهي : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب " . وادعى أنه تكلم في المهد صبيا وأنه صيح به : يا علي فقال : لبيك . فلما كثرت حاشيته كف أيدي الزنج عن النخل والمزارع وجبي الخراج منهم وصرفه إلى أصحابه فتغلثت قلوب الزنج فساءت أحوالهم وهموا بالوثوب عليه .
ثم إن الموفق بالله ندب ولده أبا العباس أحمد المعتضد لحرب هذا الخبيث فتجرد له سنة ست وستين ومائتين في عشرة آلاف فارس فهزم عساكر الزنج وأسر خلقاً وقتل خلقاً . ووافاه والده الموفق في شهر صفر سنة سبع وستين في عسكر جرار ووصلوا إلى مدينة الشعراني أحد مقدمي الزنج وأحاطوا بمدينته وفتحوها قهراً وقتلوا جماعة ثم قصدوا المدينة الني بناها سليمان بن جامع وهي المنصورة فاستولوا عليها ونهبوها وكان سليمان المذكور من أكبر المقدمين وهدموها وطموا خنادقها وكانت حصينة . ثم إن الموفق كتب إلى الخبيث يؤمنه ويطلب منه الرجوع والتوبة والإنابة فقرأه ولم يجب عنه بشيء فتوجه الموفق بعساكره إلى المختارة مدينة الخبيث فرأى حصانتها بالأسوار والخنادق وبما فيها من المناجيق وغيرها من آلات الحصار فهاله ذلك وأكبره . وكان الموفق في خمسين ألف رجل والخبيث في زهاء ثلاث مائة ألف . فنادى الموفق بالأمان للناس أسودهم وأبيضهم إلا الخبيث . وكتب بذلك رقاعاً ورماها في السهام إلى داخل المدينة وأمر ببناء مدينة سماها الموفقية بأزاء مدينة المختارة وأقام بها الأسواق وكثر التجار وبنى الجامع وصلى الناس فيه واتخذ بها دور ضرب ورغب الناس في سكناها فاستأمن من أصحاب الخبيث خمسة آلاف رجل من بين أسود وأبيض وبث الموفق السرايا فما كان يخلو يوم من أن يؤتى برؤوس القتلى من أصحاب الخبيث وكان يرمي بالرؤوس إلى مدينة الخبيث في المنجنيقات فاستولت الرهبة على أصحاب الخبيث ومنعوا من الميرة . ولم تزل الحروب بينهم إلى أن استولى الموفق على أسوار المختارة فأحرق ما هناك من آلات الحصار واستأمن كثير من خواص الخبيث وهرب منهم جماعة وقحطوا وأكلوا السرطانات والضفادع والحشرات ولحوم القتلى والكلاب والسنانير وذبحوا الأطفال وطبخوهم وأكلوهم لعدم وصول الميرة إليهم . وملكوا دور الخبيث فهرب بأولاده إلى مضايق أشبة في نهر الخصيب لا تصل السفن إليها ولا الخيل وسد المنافذ . فجمع الموفق العساكر وزحف إليه فبرز إليه الخبيث بنفسه فيمن بقي معه وهو يقول : من الطويل .
سأغسل عني العار بالسيف جالباً ... علي قضاء الله ما كان جالبا .
وأذهل عن داري وأجعل نهبها ... لعرضي من باقي المذلة حالبا .
فإن تهدموا بالغدر داري فإنها ... تراث كريم لا يبالي العواقبا .
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا .
ولم يستشر في رأيه غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا