ابن دريد محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بلغ به ابن خلكان إلى قحطان أبو بكر الأزدي البصري نزيل بغداد تنقل في جزاير البحر وفارس وطلب الأدب واللغة وكان أبوه من رؤساء زمانه وكان أبو بكر رأسا في العربية وأشعار العرب وله شعر كثير ورثى جماعة من أهل العلم رثى الشافعي وغيره حدث عن أبي حاتم السجستاني وأبي الفضل العباس الرياشي وابن أخي الأصمعي وروى عنه السيرافي وابن شاذان وأبوالفرج صاحب الأغاني وأبو عبيد الله المرزباني عاش بضعا وتسعين سنة مولده سنة ثلث وعشرين وماتين وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلث ماية قال يوسف بن الأزرق : ما رأيت احفظ من ابن دريد ما رأيته قرئ عليه ديوان قط إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له وقال أبو حفص ابن شاهين : كنا ندخل على ابن دريد فنستحي مما نرى من العيدان المعلقة والشراب وقد جاوز التسعين وله كتاب الجمهرة في اللغة كتاب جيد والأمالي واشتقاق الأسماء للقبايل والمجتبي وهو صغير قال الشيخ شمس الدين : سمعناه بعلو والخيل والسلاح وغرايب القرآن ولم يتم وأدب الكاتب وفعلت وافعلت والمطر والرواد والاشتقاق والسرج واللجام والخيل الكبير والصغير والأنواء والملاحن وزوار العرب والوشاح وهو صغير قال الخطيب عن أبي بكر الأسدي : كان يقاهو اعلم الشعراء واشعر العلماء قال الدار قطني تكلموا فيه قال الشيخ شمس الدين : وقع لنا من عواليه في أمالي الوزير ومقصورته مشهورة وعارضها جماعة واعتنى بشرحها جماعة من المتقدمين والمتأخرين وآخر من علمته شرحها الشيخ شمس الدين الضايع شرحها في مقدار يدخل في ثلثة أسفار كبار وهي عندي ومدح بالمقصورة الشاه بن ميكال الأمير يقال أنه أتى فيها بأكثر اللغة وكان ابنا ميكال على عمالة فارس وصنف لهما الجمهرة وقلداه ديوان فارس فتصدر كتب فارس عنه ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه فأفاد معهما أموالاً كثيرة وكان مفيد مبيدا لا يمسك درهما سخاء وكرماً ولما مدحهما بالمقصورة وصلاه بعشرة آلاف درهم فلما عزلا وصل إلى بغداد ونزل على على بن محمد الخواري فأفضل عليه وعرف به المقتدر فأجرى عليه في الشهر خمسين دينارا إلى أن مات وعرض له آخر عمره فالج سقى الديارق فبرئ ورجع إلى أفضل أحواله وأملايه على تلامذته ثم عاوده الفالج وبطل من محزمه إلى قدميه وكان إذا دخل أحد عليه ضج وتألم لدخوله ولم يصل إليه قال تلميذه أبو علي القالي : فكنت أقول في نفسي أن الله D عاقبه بقوله في المقصورة : .
مارست من لو هوت الأفلاك من ... جوانب الجو عليه ما شكا .
وعاش بعد ذلك عامين وقال لي مرة وقد سألته عن بيت شعر لئن طفئت شحمتا عيني لم تجد من يشفيك من العلم وكذلك قال لي أبو حاتم السجستاني وقد سالته عن شىء فقال لي قال كذلك الأصمعي وقد سألته عن شىء قال أبو علي : وآخر شىء سألته عنه جاونبي بان قال يا بني حال الجريص دون القريض قلت : الجريض غصص الموت وهو مثل مشهور وله حكاية وكان كثيرا ما ينشد في ضعفه : .
فوا حزنا أن لا حياة لذيذة ... ولا عمل يرضى به الله صالح .
وحكى عنه المرزباني قال : قال لي ابن دريد سقطت من منزلي بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلتي فلما كان آخر الليل اغمضت عيني فرأيت رجلاً طويلاً أصغر الوجه كوسجا دخل على وأخذ بعضادتي الباب وقال أندشني أحسن ما قلت في الخمر فقلت ما ترك أبو نواس لأحد شيئاً فقال أنا أشعر منه فقلت ومن أنت قال أنا أبو ناجية من أهل الشام وأنشدني : .
وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نرجس وشقايق .
حكت وجنة المعشوق صرفاً فسلطوا ... عليها مزاجاً فاكتسب ثوب عاشق .
فقلت له اسأت فقال ولم قلت لأنك قلت وحمراء فقدمت الحمرة ثم قلت بين ثوبي نرجس وشقايق فقدمت الصفرة فهلا قدمتها على الأخرى فقال وما هذا الاستقصاء في هذا الوقت يا بغيض وحكاها أبو علي الفارسي على غير هذا الوجه قلت : ليس ما انتقده ابن دريد بوارد فقد جاء النشر على غير ترتيب اللف كثيرا قال ابن حيوس .
كيف أسلو وأنت حقف وغصن ... وغزال قدا ولحظاً وردفا .
ومن شعر ابن دريد : .
غراء لو جلت الخدور شعاعها ... للشمس عند طلوعها لم تشرق .
غصن على دعص تأود فوقه ... قمر تألق تحت ليل مطبق