وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واختص الفاضل بالكامل اختصاصاً كلياً وكان أولاً يدعى بالأسعد فغيره ولقبه بالفاضل ولم يزل معهما على أحسن حال إلى أن عاد أسد الدين إلى مصر في المرة الأخرى واستولى على الديار المصرية وتولى الوزارة وقتل شاور وابنه الكامل وطلب الفاضل . وكان في نفسه منه أشياء نقمها عليه في مكاتباته عن شاور وكان يغلظ القول فيها ولجأ القاضي إلى القصر مستجيراً ومستخفياً وطلبه شيركوه من العاضد فشفع فيه فلم يقبل الشفاعة وألح في طلبه فاتفق أن العاضد أهدى إلى شيركوه هدايا نفيسة وقعت منه موقعاً لطيفاً وسأله مع قبولها أمان الفاضل فأمنه فلما حضر أكرمه شيركوه وأمره بالجلوس في حضرته وقال : اكتب كتابً إلى نور الدين محمود بن زنكي عرفه ما فعل الله بهذا الطاغية الفاسق يعني شاوراً فكتب ولم يذكره إلا بالخير فغضب أسد الدين وقال : ما لك لا تكتب بما آمرك به ؟ فقال : ما يسعني ذلك أيها الوزير لحقوق له علي فأغلظ له وتهدده إن لم يكتب وحلف ليوقعن به فوثب حتى صار بين يديه وقال : قد انبسط الآن عذري فيما كنت أكاتب به المولى فإنما أنا آلة أكتب حسبما أومر فسط عذره وأعجبه مخرجه من الحجة وآنس به آنساً تاماً .
فلما مات أسد الدين شيركوه ترشح أكابر الدولة لمكانه وطمع فيها من هو أهل لذلك ولم يكن صلاح الدين ممن تطمع نفسه في تلك الرتبة واتفق أنه اجتمع بالفاضل في دار السلطان وجرى حديث من ترشح للولاية وبسط صلاح الدين الحديث في ذكرهم ولم يذكر نفسه فجذبه الفاضل إليه وقال له سراً : هل عندك قوة لأن تلي هذا الأمر ؟ فقال صلاح الدين : وأنى لي بذلك وهنا مثل فلان وفلان وعدد الأكابر فقال له : لا عليك فإني أدبر أمرك فاستعد لذلك . فبينا هما في الحديث استدعي الفاضل إلى مجلس العاضد واستشير فيمن يولى ولم يكن شيركوه دفن بعد لأن من عادتهم أن الذي يتولى يلبس في الجنازة أخضر دون كل من فيها ونهي إمارة الولاية فقال الفاضل : رأي أمير المؤمنين أعلى وهو أعرف فقال العاضد : ما تقول في فلان فوهى أمره وذكر شيئاً صدفه عنه إلى أن ذكر جماعة كلهم كذلك فقال للفاضل : فمن ترى أنت ؟ قال : ما رأيت في الجماعة أحسن طريقة من يوسف ابن أيوب ابن أخي الميت فإني اختبرته ورأيته يرجع إلى دين وأمانة فقال العاضد : إني أخاف أن لا يرضى به القوم فقال الفاضل : يا أمير المؤمنين أنت ألبسه وأجلسه وهو يبذل الأموال ويصلح حال الرجال ففعل ذلك . وخرج الناس وعلى صلاح الدين الأخضر من دون الجماعة فعرفوا أنه صاحب الأمر وساعدته السعادة فلم يقل أحد كلمة وفرق خزاين شيركوه وعامل الناس بالإحسان وبذل المال فأحبوه وتم أمره وصار القبض والبسط إلى الفاضل . وفوض صلاح الدين إليه أمور دولته وصار لا يصدر عن رأيه واستنابه في جميع أموره ورعى له تلك الحال فجرى في تصاريفه على أحسن قانون وأحسن إلى أرباب البيوت وجمع كتباً مشهورة بلغني أنها تكون سبعين ألف مجلد في فنون العلم وأنواعه . وأما ابن بنان الذي كان السبب في خلاصة وعلو منزله فإنه أطرح في دولة بني شادي حتى احتاج إلى الناس فدخل يوماً إلى الفاضل وقد انقادت الدولة لأمره ونهيه فعدد إحسانه إليه واشتماله في الدولة الذاهبة عليه فاعترف الفاضل بذلك واستخلص له رزقاً كان يقوم عليه إلى أن مات .
وكان القاضي الفاضل شاباً مليحاً من أظرف الرجال فلما كانت وقعة الباب بين شيركوه وشاور بالصعيد نفرت به فرسه فوقع على ظهره على قربوس السرج فأوهنه فلما رجع إلى القاهرة عمل عليه وكان يمرضه ويداويه وقد مد وانتفخ فلما كان يوم جلوسه بين يدي أسد الدين وهو يكتب انفجرت عليه وهو بين يديه فما راعه إلا والمدة والدم يسيلان بين يدي أسد الدين فارتاع من ذلك وقال : احملوه ورق له وعولج وانفسدت إحدى خرزات ظهره ثم اندملت وكانت له حدبة وفي ذلك يقول ابن عنين : المنسرح .
قد أصبح الملك ما له سبب ... في الناس إلا البغاء والحدب .
سلطاننا أعرج وكاتبه ... ذو عمش والوزير منحدب .
معايب كلها لو اجتمعت ... في فلك لم تحله الشهب .
انتهى كلام ياقوت . قلت : وقد أكثر ابن عنين من هجوه وذكر الحدبة فقال وهو أحسن ما يكون من التهكم : المنسرح .
حاشا لعبد الرحيم سيدنا ال ... فاضل مما تقوله السفل