معاملة الأحباب بالوصل والوفا ... فدع يا حبيبي عنك ذا الهجر والجفا .
فإن كان لي ذنبٌ بجهلي فعلته ... فمثلي من أخطأ ومثلك من عفا .
أيا بدر تم حان منه طلوعه ... ويا غصن بانٍ آن أن يتعطفا .
كفى ما جرى من دمع عيني بالبكا ... وعشقي على قلبي جرى منه ما كفى .
فإن كنت لا تدري وتعرف ما الهوى ... فقصدي أن تدري بذاك وتعرفا .
أعد ذلك الفعل لجميل تجملاً ... وإن لم يكن طبعاً يكون تكلفاً .
فما أقبح الإعراض ممن تحبه ... وما أحسن الإقبال منه وألطفا .
تقدم شوقي يسبق الدمع جارياً ... إليك ولكن عنك صبري تخلفا .
فديتك محبوباً على السخط والرضا ... وعذرك مقبولٌ على العذر والوفا .
وأنشدني الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس والقاضي عماد الدين إسماعيل ابن القيسراني ؛ كلاهما قالا : أنشدنا تقي الدين السروجي لنفسه - والأكثر إنشاد القاضي عماد الدين : من السريع .
يا ساعي الشوق الذ مذ جرى ... جرت دموعي فهي أعوانه .
خذ لي جواباً عن كتابي الذي ... إلى الحسينية عنوانه .
فهي كما قد قيل وادي الحمى ... وأهلها في الحسن غزلانه .
امش قليلاً وانعطف بسرةً ... يلقاك دربٌ طال بنيانه .
واقصد بصدر الدرب دار الذي ... بحسنه تحسن جيرانه .
سلم وقل : يخشى كي مسن ... اشت حديثاً طال كتمانه .
كنكم كزم ساوم أشى أط كبى ... فحبه أنت واشجانه .
وأسأل لي الوصل فإن قال يُق ... فقل أوت قد طال هجرانه .
وكن صديقي واقض لي حاجةً ... فشكر ذا عندي وسكرانه .
قلت : وفي ترجمة القاضي علم الدين سلمان بن إبراهيم أبيات من هذه المادة وأظن الشيخ تقي الدين C إنما أخذ قوله هذا من قول الرئيس أبي بكر اللاسكي وهو من شعراء الدمية - حيث قال : من الخفيف .
قف بذات الجرعاء يا صاحب البك ... رة وانظر تلقاء جانب نجد .
فإذا ما بدت خيامٌ لعيني ... ك ففيها التي بها طال وجدي .
فأت تلك الخيام ثم تيمم ... خيمةً سترها عصائب برد .
ثم سلم وقف وقل بعد تسلي ... مك قول امرىء مجدد عهد .
أترى أنكم على ما عهدنا ... كم عليه أم خنتم العهد بعدي .
ومن شعره الشيخ تقي الدين السروجي : من السريع .
قلت لمحبوبي لما بدا ... إلي يا محبوب قلبي إليا .
قد عشق الناس وقد واصلوا ... ما وقع الإنكار إلا عليا .
ومن شعره أيضاً : من الكامل .
عندي هوىً لك طال عمر زمانه ... لم يبق لي صبرٌ على كتمانه .
قد ضل قلبي من طريق سلوه ... فدليله لا يهتدي لمكانه .
يا صاحب القلب الذي أفراحه ... تلهيه عن قلبي وعن أحزانه .
عيني لفقدك قد بكى إنسانها ... وجفا الكرى شوقاً إلى إنسانه .
يا من بدا لي حسنة متلطفاً ... فعشقته وطمعت في إحسانه .
كان اعتقادي أن أفوز بوصله ... فحرمته ورزقت من هجرانه .
كان الرقاد لصيد طيفك حيلتي ... فسلبته وفجعته بعيانه .
ومنعتني أن أجتني من وصله ... ثمرأً يطيب جناه قبل أوانه .
ضمن التلطف منك وصلي في الهوى ... لكن أطال وما فى بضمانه .
خوف الفراق إلى حماك يسوقني ... فمتي أفوز من اللقا بأمانه .
ومنه أيضاً : من البسيط .
يا رايس الحب أدركني فقد وحلت ... مراكب بي في بحر أشواقي .
ولي بضاعة صبرٍ ضاع أكثرها ... وقد غدا ذا الهوى يستغرق الباقي .
قلت : وشعر الشيخ تقي الدين السروجي كثيرٌ وكله من هذا النمط يتدفق سلامةٌ ويذوب حلاوةً لمن يذوق ؛ منها قوله : من الطويل .
تفقهت في عشقي لمن قد هويته ... ولي فيه بالتحرير قولٌ ومذهب