وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

سعدون المجنون يقال إنّ اسمه سعيد وكنيته أبو عطاء ولقبه سعدون . من أهل البصرة كَانَ من عقلاء المجانين وحكمائهم لَهُ أخبار ملاح وكلام سديد ونَظْم ونَثْر يُسْتَحْسَنُ . وطوّف البلاد ودُوَنت أخبارُه . استقدمه المتوكّل وسمع كلامه وذكر الفتح بن شخرف أنّه كَانَ من الامحبّين لله صام ستّين سنةً فجَفَّ دماغه فسمّاه الناس مجنوناً . قال عطاء السليمي : احتبس علينا القط بالبصرة فخرجنا نستسقي فإذا بسعدون المحنون فلمّا بَصُرَ بي قال : يَا عطاء إلى أين ؟ قلتُ : خرجنا نستسقي ! .
قال : بقلوب سماويّةٍ أم بقلوبٍ أرْضِيَّةٍ ؟ قلتُ : بقلوب سماوّية ! .
قال : لا تبهرْج فإنّ الناقد بصير قلت مَا هو إلاّ مَا حكيتُ لك فاستسق لَنَا ! .
فرفع رأسّه إلى السماء وقال : أقسمْتُ عَلَيْكَ إلاَّ سقيتَنا الغيث ! .
ثُمَّ أنشأ يقول من الوافر : .
أيا مَن كًلّما نُودي أجابا ... وضمَن بخَلالِهِ يُنشِي السَحابا .
ويا مَن كَلَّمَ الصِدِّيقَ مُوسى ... كَلاماً ثُمَّ ألْهَمَهُ الصَواب .
ويا مَنْ رَدَّ يوسُفَ بَعدَ ضًرٍّ ... عَلَى من كانَ يَنْتَحِبُ انتِحابا .
ويا مَنْ خَصَّ أحمد واصْطَفاهُ ... وأعْطاهُ الرِسالَةَ والكِتابا .
إسقِنا ! .
فأرسَلَت السماءُ شآبيبَ كأفْواه القِرّب قلت : زدني ! .
قال : لَيْسَ ذا الكيل من ذا البيدر ثُمَّ أنشأ يقول من المنسرح : .
سُبحان مَنْ لَمْ تَزَلْ لَهُ حُجَجٌ ... قامَتْ عَلىَ خَلْقِهِ بِمَعْرِفَتِهْ .
قَدْ عَلِموا أنّه مليكُهُمُ ... يَعْجِزُ وَصْفُ الأنامِ عَنْ صِفَتِهْ .
وقال عطاء : رأيتُ سعدون يتفلىّ ذات يوم فِي الشمس فانكشفَتْ عورتُهُ فقلتُ لَهُ : استر يَا أخا الجهل : فقال : من لَكَ مثلها ؟ فاستتر . ثُمَّ مرّ بي يوماً وأنا آكل رمّاناً فِي السوق فعرك أذني وقال من الطويل : .
أرَى كُلَّ إنْسانٍ يَرَى عَيْب غَيْرِهِ ... وَيَعْمَى عَنِ العَيبِ هو فِيهِ .
ومَا خَيْرُ مَن تَخْتَفي عَلَيهِ عُيُوبُهُ ... وَيَبدُو لَهُ العَيبُ الَّذِي لأخِيهِ .
وَكَيْفَ أرَى عَيْباً وَعَيْبِي ظاهرٌ ... وَمَا يعرِفُ السوءآتِ غَيرُ سَيفهِ .
وقال عبد الله بن سويد : رأيت سعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بِهَا عَلَى جدار قصر خراب من السريع : .
يَا خاطِبَ الدنيا إلى نَفْسِهِ ... إنَّ لَها فِي كُلِّ يَوْمٍ حَليلْ .
مَا أقْبَحَ الدنيا لخُطّابِها ... تَقْتُلُهم عَمْداً قَتيلاً قَتيلْ .
نَسْتَنكحُ البَعْلَ وَقَدْ وَطَّنَتْ ... فِي مَوْضعٍ آخَرَ مِنْهُ البَديلْ .
إنّي لمُغْتَرٌّ وإنَّ البِلىَ ... تَعَملُ فِي نَفْسي قَليلاً قَليلْ .
تزَوَّدُوا للموت زاداً فقد ... نَادَى مُنادِيهِ الرَحيلَ الرَحيلْ .
وقال الفتح بن سالم : كَانَ سعدون سيّاحاً لهجاً بالقول فرأيته يوماً بالفسطاط قائماً عَلَى حلقة ذي النون وهو يقول : يَا ذا النون متى يكون القلب أميراً بعد أن كَانَ أسيراً ؟ فقال ذو النون : إذا اطّلع عَلَى الضمير وَلَمْ يضرَ فِي الضمير إلاّ الخبير قال : فصرخ سعدون وخّر مغشيّاً عَلَيْهِ ثُمَّ أفاق فقال من الطويل : .
ولا خيرَ فِي شَكْوَى إلى غَيرِ مُشْتَكىً ... ولا بُدَّ مِنْ شَكوىً إذَا لَمْ يكُنْ صَبْرُ .
ثُمَّ قال : استغفر الله لا حول ولا قوة إلاّ بالله ! .
ثُمَّ قال : يَا أبا الفيض إنّ من القلوب قلوباً تستغفر قبل أن تذيب ؟ قال : نعم تِلْكَ قلوب تُثاب قبل أن تطيع أولئك قوم أشرقت قلوبهم بِضِياء رَوْح اليَقين .
سعدون بن إسماعيل بن غُبَيرة .
من مولّدي العجم بوادي الحجارة من الغرب جلّ قدره فِيهَا إلى أن استولى عَلَيْهَا وعصى عَلَى المأمون بن ذي النون ملك طليطلة . قال الحجاري : وَكَانَ ابن ميعدة من بلده يَحْسُدُهُ ويُغرِي بِهِ المأمونَ فأخرجه ففرّ إلى طليطلة للمأمون فكتب ابن غبيرة للمأمون مُعَرِّضاً بمعاضدتهما عَلَيْهِ من الوافر : .
ألا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي مَقالاً ... إلى المأمونِ والذِئبِ المُداجي