وله فيه أمداح كثيرة من ذلك من قصيدةٍ مدحه بها لما عمر الإيوان الذي بالقلعة وقد زخرفه وعلَّى قبَّته : من البسيط .
وقبَّة هي للأفلاك عاشرةٌ ... ودونها في علوّ الشان كيوان .
كأنها العالم العلويُّ تحرسها ... الأملاك لم يدن منها ثمَّ شيطان .
علت فأفلاكها الأفلاك في شرفٍ ... وتبرها الشُّهب والأركان أركان .
وأنت يا أشرف الأملاك شمس علا ... سما بها وعلى ظني سليمان .
وتحت دهليزك الزاهي بزركشه ... من كلما تتمنَّى النفس ألوان .
والجيش بالقبق المنصور قد ولعوا ... بكلِّ طايشةٍ والقوس مرنان .
كأنما العرض يوم العرض إذ عرضوا ... عليه صفّاً وللإعطاء ميزان .
وكان مغرىً بالهدم لأنه هدم أماكن وفيه يقول علاء الدين الوداعيّ لما أمر بهدم الأماكن التي تجاور الميدان بدمشق ووزع عمارته على الأمراء . ومن خطه نقلت : من السريع .
إن أمر السلطان في جلَّقٍ ... بهدم ما ضايق ميدانه .
فإنه قد غار لمّا رأى ... غير بيوت الله جيرانه .
وقال أيضاً : من الوافر .
أرى الأمراء قد جدُّوا وجادوا ... وشدُّوا في بنائهم وشادوا .
وهم متسابقون ولا عجيبٌ ... ففي الميدان تستبق الجياد .
وقال أيضاً : من الوافر .
جزيتم أيها الأمراء خيراً ... على إتقانكم هذي البنيّه .
فلا تخشوا على الميدان شيئاً ... سوى سيل العطايا الأشرفيه .
فاتفق أن السلطان حضر بعد ذلك وأنفق في العساكر في الميدان فقال بيتين أذكرهما في ترجمة الأمير علم الدين سنجر الشُّجاعي وقال أيضاً في عمارة الميدان : من الكامل .
لئن ادَّعى ميداننا شرفاً إلى ... شرفيه لم ينسب إلى الإسراف .
أو ما ترى الأمراء في تعميره ... أضحوا فعول مجارفٍ وقفاف .
ولما فتح الملك الأشرف عكا امتدحه القاضي شهاب الدين محمود بقصيدته البائية المشهورة وهي : من البسيط .
الحمد لله زالت دولة الصُّلب ... وعزَّ بالتُّرك دين المصطفى العربي .
هذا الذي كانت الآمال لو طلبت ... رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب .
ما بعد عكا وقد هدَّت قواعدها ... في البحر للشِّرك عند البِّر من أرب .
عقيلةٌ ذهبت أيدي الخطوب بها ... دهراً وشدَّت عليها كفُّ مغتصب .
لم يبق من بعدها للكفر مذ خربت ... في البِّر والبحر ما ينجي سوى الهرب .
كانت تخيّلنا آمالنا فنرى ... أنّ التفكُّر فيها غاية العجب .
أمُّ الحروب فكم قد أنشأت فتناً ... شاب الوليد بها هولاً ولم تشب .
سوران برّاً وبحراً حول ساحتها ... دارا وأدناهما أنأى من القطب .
خرقاء أمنع سوريها وأحصنها ... غلب الرجال وأقواها على النُّوب .
مصفَّحٌ بصفاحٍ حولها أكمٌ ... من الرّماح وأبراجٌ من اليلب .
مثل الغمائم تهدي من صواعقها ... بالنَّبل أضعاف ما تهدي من السُّحب .
كأنما كلُّ برجٍ حوله فلكٌ ... من المجانيق يرمي الأرض بالشُّهب .
ففاجأتها جنود الله يقدمها ... غضبان لله لا للملك والنِّشب .
ليث أبى أن يردَّ الوجه عن أممٍ ... يدعون ربَّ العلى سبحانه بأب .
كم رامها ورماها قبله ملكٌ ... جمُّ الجيوش فلم يظفر ولم تجب .
لم يلهه ملكه بل في أوائله ... نال الذي لم ينله الناس في الحقب .
لم ترض همَّته إلا الذي قعدت ... للعجز عنه ملوك العجم والعرب .
فأصبحت وهي في بحرين ماثلةً ... ما بين مضطرمٍ ناراً ومضطرب