ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأطيبه وأحسنه عمارة وأكثره أهلا وأعد لهم أخلاقا وسيرة في نحو سنة ولم يتفق لأحد من أهل البلاد التي لم يطرقوها بقاء إلا وهو خائف مترقب وصولهم وهم مع ذلك يسجدون للشمس إذا طلعت ولا يحرمون شيئا ويأكلون ما وجدوه من الحيوانات والميتات لعنهم الله تعالى قال وإنما استقام لهم هذا الأمر لعدم المانع لأن السلطان خوارزم شاه محمدا كان قد قتل الملوك من سائر الممالك واستقر في الأمور فلما انهزم منهم في العام الماضي وضعف عنهم وساقوا وراءه فهرب فلا يدري اين ذهب وهلك في بعض جزائر البحر خلت البلاد ولم يبق لها من يحميها ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور ثم شرع في تفصيل ما ذكره مجملا فذكر أولا ما قدمنا ذكره في العام الماضي من بعث جنكزخان اولئك التجار بمال له ليأتونه بثمنه كسوة ولباسا وأخذ خوارزم شاه تلك الأموال فحنق عليه جنكزخان وأرسل يهدده فسار إليه خوارزم شاه بنفسه وجنوده فوجد التتار مشغولين بقتال كشلى خان فنهب أثقالهم ونساءهم وأطفالهم فرجعوا وقد انتصروا على عدوهم وازدادوا حنقا وغيظا فتواقعواهم وإياه وابن جنكزخن ثلاثة أيام فقتل من الفريقين خلق كثير ثم تحاجزوا ورجع خوارزم شاه إلى أطراف بلاده فحصنها ثم كر راجعا إلى مقره ومملكته بمدينة خوارزم شاه فأقبل جنكزخان فحصر بخارا كما ذكرنا فافتتحها صلحا وغدر بأهلها حتى افتتح قلعتها قهرا وقتل الجميع وأخذ الأموال وسبى النساء والاطفال وخرب الدور والمحال وقد كان بها عشرون ألف مقاتل فلم يغن عنهم شيئا ثم سار إلى سمرقند فحاصرها في أول المحرم من هذه السنة وبها خمسون ألف مقاتل من الجند فنكلوا وبرز إليهم سبعون ألفا من العامة فقتل الجميع في ساعة واحدة وألقى إليه الخمسون ألف السلم فسلبهم سلاحهم وما يمتنعون به وقتلهم في ذلك اليوم واستباح البلد فقتل الجميع وأخذ الأموال وسبى الذرية وحرقه وتركه بلاقع فانا لله وإنا إليه راجعون وأقام لعنه الله هنالك وارسل السرايا إلى البلدان فارسل سرية إلى بلاد خراسان وتسميها التتار المغربة وأرسل أخرى وراء خوارزم شاه وكانوا عشرين ألفا قال اطلبوه فأدركوه ولو تعلق بالسماء فساروا وراءه فأدركوه وبينهم وبينه نهر جيحون وهو آمن بسببه فلم يجدوا سفنا فعملوا لهم أحواضا يحملون عليها الاسلحة ويرسل أحدهم فرسه ويأخذ بذنبها فتجره الفرس بالماء وهو يجر الحوض الذي فيه سلاحه حتى صاروا كلهم في الجانب الآخر فلم يشعر بهم خوارزم شاه إلا وقد خالطوه فهرب منهم إلى نبيسابور ثم منها إلى غيرها وهم في أثره لا يمهلونه يجمع لهم فصار كلما أتى بلدا ليجتمع فيه عساكره له يدركونه فيهرب منهم حتى ركب في بحر طبرستان وسار إلى قلعة في جزيرة فيه فكانت فيها وفاته وقيل إنه لا يعرف بعد ركوبه في البحر ما كان من أمره بل ذهب فلا يدرى أين ذهب ولا إلى أي مفر هرب وملكت التتار حواصله فوجدوا في خزانته عشرة آلاف