فإن وليتم والعياذ بالله طوى البلاد وأهلك العباد وأخذ الأموال والأطفال والنساء وعبد الصليب في المساجد وعزل القرآن منها والصلاة وكان ذلك كله في ذممكم فإنكم أنتم الذين تصديتم لهذا كله وأكلتم بيت مال المسلمين لتدفعوا عنهم عدوهم وتنصروا ضعيفهم فالمسلمون في سائر البلاد متعلقون بكم والسلام فانتدب لجوابه سيف الدين المشطوب وقال يا مولانا نحن مماليكك وعبيدك وأنت الذي أعطيتنا وكبرتنا وعظمتنا وليس لنا إلا رقابنا ونحن بين يديك والله مايرجع أحد منا عن نصرك حتى يموت فقال الجماعة مثل ما قال ففرح السلطان بذلك وطاب قلبه ومد لهم سماطا حافلا وانصرفوا من بين يديه على ذلك ثم بلغه بعد ذلك أن بعض الأمراء قال إنا نخاف أن يجري علينا في هذا البلد مثل ما جرى على أهل عكا ثم يأخذون بلاد الإسلام بلدا بلدا والمصلحة أن نلتقيهم بظاهر البلد فإن هزمناهم أخذنا بقية بلادهم وإن تكن الأخرىسلم العسكر ومضى بحاله ويأخذون القدس وتحفظ بقية بلاد الإسلام بدون القدس مدة طويلة وبعثوا إلى السلطان يقولون له إن كنت تريدنا نقيم بالقدس تحت حصار الفرنج فكن أنت معنا أو بعض أهلك حتى يكون الجيش تحت أمرك فإن الأكراد لاتطيع الترك والترك لاتطيع الأكراد فلما بلغه ذلك شق عليه مشقة عظيمة وبات ليلته أجمع مهموما كئيبا يفكر فيما قالوا ثم انجلى الأمر واتفق الحال على أن يكون الملك الأمجد صاحب بعلبك مقيما عندهم نائبا عنه بالقدس وكان ذلك نهار الجمعة فلما حضر إلى صلاة الجمعة وأذن المؤذن للظهر قام فصلى ركعتين بين الأذانين وسجد وابتهل إلى الله تعالى ابتهالا عظيما وتضرع إلى ربه وتمسكن وسأله فيما بينه وبينه كشف هذه الضائقة العظيمة فلما كان يوم السبت من الغد جاءت الكتب من الحرس الذين حول البلد بأن الفرنج قد اختلفوا فيما بينهم فقال ملك الافرنسيين إنا إنما جئنا من البلاد البعيدة وأنفقنا الأموال العديدة في تخليص بيت المقدس ورده إلينا وقد بقى بيننا وبينه مرحلة فقال الانكليز إن هذا البلد شق علينا حصاره لأن المياه حوله قد عدمت وإلى أن يأتينا الماء من المشقة البعيدة يعطل الحصار ويتلف الجيش ثم اتفق الحال بينهم على أن حكموا منهم عليهم ثلاثمائة منهم فردوا أمرهم إلى اثنى عشر منهم فردوا أمرهم إلى ثلاثة منهم فباتوا ليلتهم ينظرون ثم أصبحوا وقد حكموا عليهم بالرحيل فلم يمكنهم مخالفتهم فسحبوا راجعين لعنهم الله أجمعين فساروا حتى نزلوا على الرملة وقد طالت عليهم الغربة والزملة وذلك في بكرة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة وبرز السلطان بجيشه إلى خارج القدس وسار نحوهم خوفا أن يسيروا إلى مصر لكثرة ما معهم من الظهر والأموال وكان الانكليز يلهج بذلك كثيرا فخذلهم الله عن ذلك وترددت الرسل من الانكليز إلى السلطان