حتى يبلغ المدينة فلا يأتيها إلا وقد هدمت حصونها ووهنت قوتها فإذا فعلت ذلك لم يبق بينك وبينها مانع فيعطوا بأيديهم ويسلموا لك البلد ثم استشار أخاه مسلمة فأشار عليه بأن يدع ما دونها من البلاد ويفتحها عنوة فمتى ما فتحت فإن باقي ما دونها من البلاد والحصون بيدك فقال سليمان هذا هو الرأي ثم أخذ في تجهيز الجيوش من الشام والجزيرة فجهز في البر مائة وعشرين ألفا وفي البحر مائة وعشرين ألفا من المقاتلة وأخرج لهم الأعطية وأنفق فيهم الأموال الكثيرة وأعلمهم بغزو القسطنطينية والإقامة إلى أن يفتحوها ثم سار سليمان من بيت المقدس فدخل دمشق وقد اجتمعت له العساكر فأمر عليهم أخاه مسلمة ثم قال سيروا على بركة الله وعليكم بتقوى الله والصبر والتناصح والتناصف ثم سار سليمان حتى نزل مرج دابق فاجتمع إليه الناس أيضا من المتطوعة المحتسبين أجورهم على الله فاجتمع له جند عظيم لم ير مثله ثم أمر مسلمة أن يرحل بالجيوش وأخذ معه إليون الرومي المرعشي ثم ساروا حتى نزلوا على القسطنطينية فحاصرها إلى أن برح بهم وعرض أهلها الجزية على مسلمة فأبى إلا أن يفتحها عنوة قالوا فابعث إلينا إليون نشاوره فأرسله إليهم فقالوا له رد هذه العساكر عنا ونحن نعطيك ونملكك علينا فرجع إلى مسلمة فقال قد أجابوا إلى فتحها غير أنهم لا يفتحونها حتى تتنحى عنهم فقال مسلمة إني أخشى غدرك فحلف له أن يدفع إليه مفاتيحها وما فيها فلما تنحى عنهم أخذوا في ترميم ما تهدم من أسوارها واستعدوا للحصار وغدر إليون بالمسلمين قبحه الله .
قال ابن جرير وفي هذه السنة أخذ سليمان بن عبدالملك العهد لولده أيوب أنه الخليفة من بعده وذلك بعد موت أخيه مروان بن عبد الملك فعدل عن ولاية أخيه يزيد إلى ولاية ولده أيوب وتربص بأخيه الدوائر فمات أيوب في حياة أبيه فبايع سليمان إلى ابن عمه عمر بن عبد العزيز أن يكون الخليفة من بعده ونعم ما فعل وفيها فتحت مدينة الصقالية قال الواقدي وقد أغارت البرجان على جيش مسلمة وهو في قلة من الناس في هذه السنة فبعث إليه سليمان جيشا فقاتل البرجان حتى هزمهم الله D وفيها غزا يزيد بن المهلب قهستان من أرض الصين فحاصرها وقاتل عندها قتالا شديدا ولم يزل حتى تسلمها وقتل من الترك الذين بها أربعة آلاف صبرا وأخذ منها من الأموال والأثاث والأمتعة مالا يحد ولا يوصف كثرة وقيمة وحسنا ثم سار منها إلى جرجان فاستجاش صاحبها بالديلم فقدموا لنجدته فقاتلهم يزيد بن المهلب وقاتلوه فحمل محمد بن عبد الرحمن أبي سبرة الجعفي وكان فارسا شجاعا باهرا على ملك الديلم فقتله وهزمهم الله ولقد بارز ابن أبي سبرة هذا يوما بعض فرسان الترك فضربه التركي بالسيف على البيضة فنشب فيها وضربه ابن ابي سبرة فقتله ثم أقبل إلى المسلمين وسيفه يقطر دما وسيق التركي ناشب في