وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بسم الله الرحمن الرحيم .
مقدمة المؤلف .
الحمد لله الذي أحكم ما خلق وقدر وعدل فيما قسم ودبر وأنذر بما أنشأ وأظهر واستأثر بما أخفى وأسر وأنعم بما أمر وحظر وأرشد إلى إنذاره بنوعي تفضيل تميز بهما جنس البشر عن كل حيوان بهيم وهما نطق يفضي إلى الفهم وعقل يؤدي إلى العلم ليعان بهما على ما كلف من أوان التعبد فيصل بالعقل إلى علمه واستعلامه وبالنطق إلى فهمه واستفهامه فيصير مهيأ لقبول ما كلف من التعارف ومعانا على ما تعبد به من الشرائع نعمة بها قطع الأعذار وعم بها المصالح ليكون الخلق على رغب يدعوهم إلى الطاعة ورهب يكفهم عن المعصية فيعم الخير بالرغبة وينحسم الشر بالرهبة وهذا لا يستقر في النفوس إلا برسل مبلغين عن الله ثوابه فيما أمر وعقابه فيما حظر فوجب أن يوضح في إثبات النبوات ما ينتفي عنه ارتياب مغرور وشبهة معاند وقد جعلت كتابي هذا مقصورا على ما أفضى ودل عليه ليكون عن الحق موضحا وللسرائر مصلحا وعلى صحة النبوة دليلا ولشبه المستريب مزيلا وجعلت ما تضمنه مشتملا على أمرين .
أحدهما ما اختص بإثبات النبوة من إعلامها .
والثاني : فيما يختلف من أقسامها وأحكامها ليكون الجمع بينهما أنفى للشبهة وأبلغ في الإبانة وجعلت ما تضبه هذا كتابا مشتملا على أحد وعشرين بابا .
الباب الأول في مقدمة الأدلة .
الباب الثاني في معرفة الإله المعبود .
الباب الثالث في صحة التكليف .
الباب الرابع في إثبات النبوات .
الباب الخامس في مدة العالم وعدة الرسل عليهم الصلاة والسلام .
الباب السادس في إثبات نبوة محمد .
الباب السابع فيما يتضمنه القرآن من أنواع إعجازه .
الباب الثامن في معجزات عصمته .
الباب التاسع فيما شوهد من معجزات أفعاله .
الباب العاشر فيما سمع من معجزات أقواله .
الباب الحادي عشر فيما أكرمه الله تعالى به من إجابة دعوته .
الباب الثاني عشر في إنذاره بما يستحدث بعده .
الباب الثالث عشر في معجزه بما ظهر من البهائم .
الباب الرابع عشر في ظهور المعجز من الشجر والجماد .
الباب الخامس عشر في بشائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بنبوته .
الباب السادس عشر في هتوف الجن بنبوته .
الباب السابع عشر فيما هجست النفوس من إلهام العقول بنبوته .
الباب الثامن عشر في مبادىء نسبه وطهارة مولده .
الباب التاسع عشر في آيات مولده وظهور بركته .
الباب العشرون في شرف أخلاقه وكمال فصائله .
الباب الحادي والعشرون في مبتدى بعثته واستقرار نبوته .
وأنا أسأل الله تعالى حسن معونته وأرغب إليه في توفيقه وهدايته وعلى آله وصحابته وهو حسبي ونعم الوكيل .
في مقدمة الأدلة .
و الأدلة ما أوصلت إلى العلوم بالمدلول عليه و الدليل معلوم بالعقل و الدليل عليه معلوم بالدليل فيكون العقل موصلا إلى الدليل و ليس بدليل لأن العقل أصل كل معلوم من دليل و مدلول عليه و لذلك سمي أم العلم فصار العقل مستدلا و إن لم يكن دليلا و العلم الحادث عنه ما تميز به الحق من الباطل و الصحيح من الفاسد و الممكن من الممتنع و هو على ضربين : علم اضطرار و علم اكتساب .
علم الاضطرار : .
فأما علم الاضطرار فهو ما أدرك ببداهة العقول وهو نوعان : حسن ظاهر و خبر متواتر و علم الحس متأخر عن العقل و علم الخبر متقدم عليه و لا يفتقر علم الاضطرار إلى نظر و استدلال لإدراكه ببديهة العقل و يشترك فيه الخاصة و العامة و لا يتوجه إليه جحد و لا تحسن المطالبة فيه بدليل لأنه غاية لتناهي النظر .
علم الاكتساب : .
و أما علم الاكتساب فطريقة النظر و الاستدلال : لأنه غير مدرك ببديهة العقل فصح أن يتوجه إليه الاعتراض فيه بطلب الدليل عليه فلذلك لم يتوصل إليه إلا بالنظر و الاستدلال و هو على ضربين : .
أحدهما : ما كان من قضايا العقول .
و الثاني : ما كان من أحكام السمع .
قضايا العقول : .
فأما قضايا العقول فضربان أحدهما : ما علم استدلالا بضرورة العقل و الثاني : ماعلم استدلالا بدليل العقل فأما المعلوم بضرورة العقل فهو ما لا يجوز أن يكون على خلاف ما هو به كالتوحيد فيوجب العلم الضروري و إن كان عن استدلال للوصول إليه بضرورة العقل و أما المعلوم بدليل العقل فهو ما يجوز أن يكون على خلاف ما هو به كأحد الأنبياء إذا ادعى النبوة فيوجب علم الاستدلال و لا يوجب علم الاضطرار لحدوثه عن دليل العقل لا عن ضرورته .
ثبوت النبوات : .
و اختلف في أصل النبوات على العموم هل يعلم بضرورة العقل أو بدليله على اختلافهم في التعبد بالشرائع هل اقترن بالعقل أو بعقبه فذهب من جعله مقترنا بالعقل إلى إثبات عموم النبوات بضرورة العقل .
و ذهب من جعله متأخرا عن العقل إلى إثباتها بدليل العقل و ذهب أصحاب الإلهام إلى إسقاط الاستدلال بقضايا العقول و جعلوا إثبات المعارف بالإلهام أصلا يغني عن أصل و هذا فاسد بقول الله تعالى : { فاعتبروا يا أولي الأبصار } فجعله بالاعتبار مدركا دون الإلهام يقال لمن أثبت المعارف بالإلهام لم قلت بالإلهام فإنه استدلال ناقص قال قلته بالإلهام قيل له انفصل عمن أسقط الإلهام بالإلهام و عمن قال في الإلهام بغير إلهامك في جميع أقوالك فلا تجد فصلا و كفى في ذلك فسادا فإذا ثبت أن كلا الضربين مدرك بقضية العقل فيما علم بضرورته من التوحيد أو بدليله من النبوة صار بعد العلم به واجبا .
وجوب الإيمان بالأنبياء : .
و اختلف في وجوبه هل و جب بما صار معلوما به من قضية العقل أو بالسمع ؟ .
فذهب قوم إلى وجوب التوحيد و النبوة بالعقل كما علم بالعقل و يكون التوحيد و عموم النبوات قبل السمع فرضا .
و ذهب آخرون إلى وجوبهما بالسمع و إن علما بالعقل لأن الوجوب تعبد لا يثبت إلا بالسمع و اختلف من قال بهذا في وجوب ورود السمع به فأوجبه بعضهم و لم يوجبه آخرون منهم و أسقطوا فرض التوحيد عن العقلاء إذا لم يرد سمع بإيجابه .
و ذهب آخرون إلى أن ما علم بضرورة العقل من التوحيد واجب بالعقل و ما علم بدليل العقل من النبوة واجب بالسمع لأن التوحيد أصل و النبوة فرع والاجتهاد فيهما فرض على أعيان ذوي العقول إذا اقترن بكمال عقله قوة الفطنة و صحة الروية فيستغني بكمال عقله و صحة رويته عن تنبيه ذوي العقول الوافرة ليصل باجتهاد عقله من اضطرار أو استدلال إلى قضايا العقول ليصير عالما بها و مستغنيا عن عقل غيره فيها .
و إن ضعفت فطنته و قلت رويته لزمه أن يتنبه بذوي العقول على الوصول إليها بعقله لا بعقولهم فيعلمها بالتنبيه كما علمها غيره بالنظر و إن لم يصل إليها بالتنبيه فليس بكامل العقل و يصير تبعا لذوي العقول لأن عدم الموجب دال على سقوط الموجب .
ما هو العقل : .
و العقل : هو ما أفاد العلم بموجباته و قيل : بل هو قوة التمييز بين الحق و الباطل و قيل : هو العلم بخفيات الأمور التي لا يوصل إليها إلا بالاستدلال و النظر و هو ضربان : غريزي هو أصل و مكتسي هو فرع .
فأما الغريزي فهو الذي يتعلق به التكليف و يلزم به التعبد و أما المكتسب فهو الذي يؤدي إلى صحة الاجتهاد و قوة النظر و يمتنع أن يتجرد المكتسب عن الغريزي و لا يمتنع أن يتجرد الغريزي عن المكتسب لأن الغريزي أصل يصح قيامه بذاته و المكتسب فرع لا يصح قيامه إلا بأصله و من الناس من امتنع من تسمية المكتسب عقلا لأنه من نتائجه و لا اعتبار بالنزاع في التسمية إذا كان المعنى مسلما .
الإيمان بالسمع : .
و أما أحكام السمع فمأخوذة عمن يلزم طاعته من الرسل و العقل مشروط في التزامها و إن لم يكن السمع مشروطا في قضايا العقول و ما يتضمنه السمع نوعان : تعبد و إنذار .
فالتعبد الأوامر و النواهي و الإنذار الوعد و الوعيد فإن حمع الرسول بين التعبد و الإنذار فهو الشرع الكامل المغني عن غيره و إن انفرد بالتعبد دون الإنذار فإن تقدمه إنذار غيره كمل الشرع بتعبده و إنذاره من تقدمه و إن لم يتقدمه إنذار من غيره إما في مبادئ النبوات أو في من لم تبلغهم دعوة الأنبياء .
هل تقتضي العقول الثواب ؟ .
فقد اختلف في قضايا العقول هل تقتضي الثواب على الطاعة و العقاب على المعصية ؟ فذهب فريق إلى اقتضائهما لذلك فعلى هذا يكون شرعا كمل بتعبد الرسول و إنذار العقول .
و ذهب فريق إلى أن قضايا العقول لا تقتضي ثوابا و لا عقابا فعلى هذا اختلف في التعبد هل يكون مستحقا على ما تقدم من نعم الله تعالى على خلقه أو لجزاء مستقبل ؟ .
فذهب فريق إلى استحقاقه بسابق النعمة فإن وعد الله تعالى ثوابا عليه كان تفضلا منه يستحق بالوعد دون التعبد فعلى هذا يكون التعبد فرضا مستحقا يقتضي تركه عقابا و إن لم يقتض فعله ثوابا .
و ذهب آخرون إلى استحقاقه بما يقابله من الجزاء بالثواب عليه و ما تقدم من النعمة تفضل منه فعلى هذا يكون التزام التعبد مستحبا و ليس بمستحق فلا يلزم على تركه عقاب كما لم يستحق على فعله ثواب لأنه لم يقترن به وعد بثواب يوجب التزام التعبد .
و إن انفرد الرسول بالإنذار دون التعبد فالإنذار لا يكون إلا على فعل و إلا كان عبثا لا يصدر عن كليم فإن كان إنذاره على شرع تقدمه تضمن إنذاره إثبات ذلك الشرع و كان هذا المنذر من أمة ذلك المتعبد و إن كان المتعبد .
قد أنذر كان هذا الإنذار تأكيدا و لم يحتج هذا المنذر إلى إظهار معجز و إن لم يكن المتعبد قد أنذر تكامل شرع المتعبد بإنذار المتأخر و تكامل إنذار المتأخر بتعبد المتقدم و احتاج هذا المنذر إلى إظهار معجز إلى إنذاره موجب لكمال الشرع و إن أنذر المتأخر على فعل الخير و اجتناب الشر خرج عن حكم الشرع إلى الوعظ و الزجر بأمر إلهي يستحق له بسط اليد في الإنكار و استيفاء ما تضمنه الإنذار