وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير قد خاطر بنفسه وأهلكها ويكون المستقل بنفسه كالشجرة التي تنبت بنفسها فإنها تجف على القرب وإن بقيت مدة وأورقت لم تثمر فمعتصم المريد بعد تقديم الشروط المذكورة شيخه فليتمسك به تمسك الأعمى على شاطيءالنهر بالقائد بحيث يفوض أمره إليه بالكلية ولا يخالفه في ورده ولا صدره ولا يبقى في متابعته شيئا ولا يذر وليعلم أن نفعه في خطأ شيخه لو أخطأ أكثر من نفعه في صواب نفسه لو أصاب فإذا وجد مثل هذا المعتصم وجب على معتصمه أن يحميه ويعصمه بحصن حصين يدفع عنه قواطع الطريق وهو أربعة أمور الخلوة والصمت والجوع والسهر وهذا تحصن من القواطع فإن مقصود المريد إصلاح قلبه ليشاهد به ربه ويصلح لقربه .
أما الجوع فإنه ينقص دم القلب ويبيضه وفي بياضه نوره ويذيب شحم الفؤاد وفي ذوبانه رقته ورقته مفتاح المكاشفة كما أن قساوته سبب الحجاب ومهما نقص دم القلب ضاق مسلك العدو فإن مجاريه العروق الممتلئة بالشهوات وقال عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين جوعوا بطونكم لعل قلوبكم ترى ربكم وقال سهل بن عبد الله التستري ما صار الأبدال أبدالا إلا بأربع خصال بإخماص البطون والسهر والصمت والاعتزال عن الناس ففائدة الجوع في تنوير القلب أمر ظاهر يشهد له التجربة وسيأتي بيان وجه التدريج فيه في كتاب كسر الشهوتين .
وأما السهر فإنه يجلو القلب ويصفيه وينوره فيضاف ذلك إلى الصفاء الذي حصل من الجوع فيصير القلب كالكوكب الدري والمرآة المجلوة فيلوح فيه جمال الحق ويشاهد فيه رفيع الدرجات في الآخرة وحقارة الدنيا وآفاتها فتتم بذلك رغبته عن الدنيا وإقباله على الآخرة والسهر أيضا نتيجة الجوع فإن السهر مع الشبع غير ممكن والنوم يقسي القلب ويميته إلا إذا كان بقدر الضرورة فيكون سبب المكاشفة لأسرار الغيب فقد قيل في صفة الأبدال إن أكلهم فاقه ونومهم غلبة وكلامهم ضرورة وقال إبراهيم الخواص C أجمع رأي سبعين صديقا على أن كثرة النوم من كثرة شرب الماء .
وأما الصمت فإنه تسهله العزلة ولكن المعتزل لا يخلو عن مشاهدة من يقوم له بطعامه وشرابه وتدبير أمره فينبغي أن لا يتكلم إلا بقدر الضرورة فإن الكلام يشغل القلب وشره القلوب إلى الكلام عظيم فإنه يستروح إليه ويستثقل التجرد للذكر والفكر فيستريح إليه فالصمت يلقح العقل ويجلب الورع ويعلم التقوى .
وأما حياة الخلوة ففائدتها دفع الشواغل وضبط السمع والبصر فإنهما دهليز القلب والقلب في حكم حوض تنصب إليه مياه كريهة كدرة قذرة من أنهار الحواس ومقصود الرياضة تفريغ الحوض من تلك المياه ومن الطين الحاصل منها ليتفجر أصل الحوض فيخرج منه الماء النظيف الطاهر وكيف يصح له أن ينزح الماء من الحوض والأنهار مفتوحة إليه فيتجدد في كل حال أكثر مما ينقص فلا بد من ضبط الحواس إلا عن قدر الضرورة وليس يتم ذلك إلا بالخلوة في بيت مظلم وإن لم يكن له مكان مظلم فليلف رأسه في جيبه أو يتدثر بكساء أو إزار ففي مثل هذه الحالة يسمع نداء الحق ويشاهد جلال الحضرة الربوبية .
أما ترى أن نداء رسول الله A بلغه وهو على مثل هذه الصفة فقيل له يا أيها المزمل يا أيها المدثر // حديث بدئ رسول الله A وهو مدثر فقيل له يا أيها المزمل يا أيها المدثر متفق عليه من حديث جابر جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يمينى الحديث وفيه فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبوا علي الماء باردا فدثروني وصبوا علي ماء باردا قال فنزلت يا أيها المدثر وفي رواية فقلت زملوني زملوني ولهما من حديث عائشة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع //