@ 428 @ .
وعليه أن يتثبت أولاً وقد نبهنا سابقاً على ذلك في مثل ذلك في قصة نبي الله سليمان مع بلقيس والهدهد حينما جاءه ، فقال : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } وقصَّ عليه خبرها مع قومها ، فلم يبادر عليه السلام بالإنكار . لكون الآتي بالخبر هدهداً ، ولم يكن عنده علم به ولم يسارع أيضاً بتصديقه ، لأنه ليس لديه مستند عليه ، بل أخذ في طريق التثبت بواسطة الطريق الذي جاءه الخبر به قال : { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } ، وأرسله بالكتاب إليهم ، فإذا كان هذا من نبي الله سليمان ولديه وسائل وإمكانيات كما تعلم . فغيره من باب أولى . .
تنبيه آخر .
إذا كان علماء الإسلام يثبتون كروية الأرض ، فماذا يقولون في قوله تعالى : { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } إلى قوله { وَإِلَى الاٌّ رْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } . وجوابهم كجوابهم على قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ، أي في نظر العين ، لأن الشمس تغرب عن أمة ، وتستمر في الأفق على أمة أخرى ، حتى تأتي مطلعها من الشرق في صبيحة اليوم الثاني ، ويكون بسط الأرض وتمهيدها ، نظراً لكل إقليم وجزء منها لسعتها وعظم جرمها . .
وهذا لا يتنافى مع حقيقة شكلها ، فقد نرى الجبل الشاهق ، وإذا تسلقناه ووصلنا قمته وجدنا سطحاً مستوياً ، ووجدنا أمة بكامل لوازمها ، وقد لا يعلم بعض من فيه عن بقية العالم ، وهكذا ، والله تعالى أعلم . { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } . العشية : ما بين الزوال إلى الغروب ، والضحى : ما بين طلوع الشمس إلى الزَّوال ، وهذا تحديد بنصف نهار . .
وقد جاء التحديد بساعة من نهار . .
وجاء : { يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } . .
وجاء : { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، بيان ذلك عند قوله تعالى في سورة