وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 43 @ وصف شامل للأنصار ، تبوءوا الدار : أي المدينة ، والإيمان من قبلهم : أي بيعة العقبة الأولى والثانية من قبل مجيء المهاجرين ، بل ومن قبل إيمان بعض المهاجرين يحبون من هاجر إليهم ويستقبلونه بصدور رحبة ، ويؤثرون غيرهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، لأنهم هاجروا إليهم . .
وظاهر النصوص تدل بمفهومها أن غيرهم لم يشاركهم في هذه الصفات ، ولكن في الآية الأولى ما يدل لمشاركة المهاجرين الأنصار في هذا الوصف الكريم ، وهو الإيثار على النفس ، لأن حقيقة الإيثار على النفس هو بذل المال للغير عند حاجته مقدماً غيره على نفسه ، وهذا المعنى بالذات سبق أن كان من المهاجرين أنفسهم المنصوص عليه في قوله تعالى : { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ } فكانت لهم ديار ، وكانت عندهم أموال وأخرجوا منها كلها ، فلئن كان الأنصار واسوا إخوانهم المهاجرين ببعض أموالهم ، وقاسموهم ممتلكاتهم ، فإن المهاجرين لم ينزلوا عن بعض أموالهم فحسب ، بل تركوها كلها . أموالهم وديارهم وأولادهم وأهلهم ، فصاروا فقراء بعد إخراجهم من ديارهم وأموالهم . ومن يخرج من كل ماله ودياره ويترك أهله وأولاده ، لا يكون أقل تضحية ممن آثر غيره ببعض ماله ، وهو مستقر في أهله ودياره ، فكأن الله عوضهم بهذا الفيء عما فات عنهم . .
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله : أنه صلى الله عليه وسلم قال للأنصار ما يشعر بهذا المعنى ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم ) فقالوا يا رسول الله : أموالنا بيننا قطائع الحديث . .
أي أن الأنصار عرفوا ذلك للمهاجرين ، وعليه أيضاً ، فقد استوى المهاجرون مع الأنصار في هذا الوصف المثالي الكريم ، وكان خلقاً لكثيرين منهم بعد الهجرة كما فعل الصديق رضي الله عنه حين تصدق بكل ماله فقال له ، رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ فقال رضي الله عنه : أبقيت لهم الله ورسوله . وكذلك عائشة الصديقة رضي الله عنها . حينما كانت صائمة وليس عندها سوى قرص من الشعير وجاء سائل فقالت لبريرة : ادفعي إليه ما عندك ، فقالت : لها : ليس إلا ما ستفطرين عليه ، فقالت لها : ادفعيه إليه ، ولعلها أحوج إليه الآن ، أو كما قالت . .
ولما جاء المغرب أهدى إليهم رجل شاة بقرامها وقرامها هو ما كانت العرب تفعله