@ 39 @ .
ثانياً : ما كان متردداً بين الجبلة والتشريع كوقوفه صلى الله عليه وسلم بعرفة راكباً على ناقته ، ونزوله بالمحصب منصرفه من منى . فالوقوف الذي هو ركن الحج يتم بالتواجد في الموقف بعرفة على أية حالة ، فهل كان وقوفه صلى الله عليه وسلم راكباً من تمام نسكه . أم أنه صلى الله عليه وسلم فعله دون قصد إلى النسك ؟ خلاف بين الأصوليين . ولا يبعد من يقول : قد يكون فعله صلى الله عليه وسلم هذا ليكون أبرز لشخصه في مثل هذا الجمع ، تسهيلاً على من أراده لسؤال أو رؤية أو حاجة . فيكون تشريعاً لمن يكون في منزلته في المسؤولية . ثالثاً : ما ثبتت خصوصيته به مثل جواز جمعه بين أكثر من أربع نسوة بالنكاح لقوله تعالى : { ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } ، وكن أكثر من أربع ، ونكاح الواهبة نفسها لقوله تعالى : { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } فهذا لا شركة لأحد معه فيه . .
رابعاً : ما كان بياناً لنص قرآني ، كقطعه صلى الله عليه وسلم يد السارق من الكوع بياناً لقوله تعالى { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا } . وكأعمال الحج والصلاة ، فهما بيان لقوله تعالى { وَأَقِيمُواْ الصَّلواةَ } ، وقوله : { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، وقال : ( خذوا عني مناسككم ) ، فهذا القسم حكمه للأمة ، حكم المبين بالفتح ، ففي الوجوب واجب ، وفي غيره بحسبه . .
خامساً : ما فعله صلى الله عليه وسلم لا لجبلة ولا لبيان ، ولم تثبت خصوصيته له ، فهذا على قسمين : أحدهما أن يعلم حكمه بالنسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوب أو ندب أو إباحة ، فيكون حكمه للأمة كذلك ، كصلاته صلى الله عليه وسلم في الكعبة ، وقد علمنا أنها في حقه صلى الله عليه وسلم جائزة ، فهي للأمة على الجواز . .
ثانيهما : ألا يعلم حكمه بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا القسم أربعة أقوال : .
أولها : الوجوب . عملاً بالأحوط ، وهو قول أبي حنيفة وبعض الشافعية ، ورواية عن