@ 32 @ معنى الدولة والدولة بضم الدال في الأولى ، وفتحها في الثانية : يدور عند المفسرين على معنيين : .
الدولة بالفتح : الظفر في الحرب وغيره ، وهي المصدر ، وبالضم اسم الشيء الذي يتداول من الأموال . .
وقال الزمخشري : معنى الآية . كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطي الفقراء ، ليكون لهم بلغة يعيشون بها جداً بين الأغنياء يتكاثرون به ، أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم . .
ومعنى الدولة الجاهلية : أن الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة ، لأنهم أهل الرئاسة والغلبة والدولة ، وكانوا يقولون : من عزّ بزّ ، والمعنى : كيلا يكون أخذه غلبة أثرة جاهلية ، ومنه قول الحسن : اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً ، يريد من غلب منهم أخذه واستأثر به . إلخ . .
والجدير بالذكر هنا : أن دعاة بعض المذاهب الاقتصادية الفاسدة ، يحتجون بهذا الآية على مذهبهم الفاسد ويقولون : يجوز للدولة أن تستولي على مصادر الإنتاج ورؤوس الأموال ، لتعطيها أو تشرك فيها الفقراء ، وما يسمونهم طبقة العمال ، وهذا على ما فيه من كساد اقتصادي ، وفساد اجتماعي ، قد ثبت خطؤه ، وظهر بطلانه مجانباً لحقيقة الاستدلال . .
لأن هذا المال ترك لمرافق المسلمين العامة . من الإنفاق على المجاهدين ، وتأمين الغزاة في الحدود والثغور ، وليس يعطي للأفراد كما يقولون ، ثم هو أساساً مال جاء غنيمة للمسلمين ، وليس نتيجة كدح الفرد وكسبه . .
ولما كان مال الغنيمة ليس ملكاً لشخص ، ولا هو أيضاً كسب لشخص معين . تحقق فيه العموم في مصدره ، وهو الغنيمة ، والعموم في مصرفه ، وهو عموم مصالح الأمة ، ولا دخل ولا وجود للفرد فيه ، فشتان بين هذا الأصل في التشريع وهذا الفرع في التضليل . .
ومن المؤسف أنهم يؤيدون دعواهم بإقحام الحديث في ذلك ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون شركاء في ثلاث : الماء والنار والكلأ ) ، ومعلوم أن الشركة في هذه الثلاثة ما دامت على عمومها فالماء شركة بين الجميع ما دام في مورده من النهر أو البئر العام أو السيل أو الغدير . أما إذا انتقل من مورده العام وأصبح في حيازة ما ، فلا شركة لأحد فيه مع من حازه ، كمن ملأ إناء من النهر أو السيل ونحوه ، فما كان في إنائه فهو خاص به ، وهذا الكلأ