@ 22 @ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } . وهذا كله مما ينبغي الاستفادة منه اليوم على العدو في قضية الإسلام والمسلمين . قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } . المشاقة العصيان ، ومنه شق العصا ، والمخالفة . .
وهذا يدل على أن الله تعالى أوقع ما أوقعه ببني النضير من إخراجهم من ديارهم وتخريب بيوتهم ، بسبب أنهم شاقوا الله ورسوله ، وأن المشاقة المذكورة هي علة العقوبة الحاصلة بهم ، ولا شك أن مشاقة الله ورسوله من أعظم أسباب الهلاك . .
وفي الآية مبحث أصولي مبني على أن المشاقة قد وقعت من غير اليهود ، فلم تقع بهم تلك العقوبة كما وقع من المشركين المنصوص عليها في قوله تعالى : { إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } ، وهذا في بدر قطعاً ، ثم قال : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ، ولما قدر صلى الله عليه وسلم على أهل مكة لم يوقع بهم ما أوقع باليهود من قتل ، بل قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء . فوجد الوصف الذي هو المشاقة الذي هو علة الحكم ، ولم يوجد الحكم الذي هو الإخراج من الديار وتخريب البيوت . .
قال الفخر الرازي : فإن قيل : لو كانت المشاقة علة لهذا التخريب لوجب أن يقال : أينما حصلت هذه المشاقة حصل التخريب ، ومعلوم أنه ليس كذلك : قلنا : هذا أحد ما يدل على أن تخصيص العلة المنصوصة لا يقدح في صحتها ا ه . .
وقد بحث الشيخ رحمه الله هذه المسألة في آداب البحث والمناظرة ، وفي مذكرة الأصول في مبحث النقض ، وعنون له في آداب البحث بقوله : تخلف الحكم ليس بنقض سواء لوجود مانع أو تخلف شرط . .
ومثل لتخلف الحكم بوجود مانع بقتل الوالد ولده عمداً ، مع عدم قتله قصاصاً به ، لأن علة القصاص موجودة ، وهي القتل العمد ، والحكم وهو القصاص متخلف . .
ومثل لتخلف الشرط بسرقة أقل من نصاب أو من غير الحرز .