@ 16 @ .
وهنا في هذه الآية ، فإن غلبة استعمال القرآن بل عموم استعماله في الحشر إنما هو للجمع ، ثم بين المراد بالحشر لأي شيء منها قوله تعالى : { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْس وَالطَّيْرِ } ، وقوله : { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً } ، وقوله عن نبي الله داود : { وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } ، وقوله تعالى عن فرعون : { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } ، وقوله تعالى : { قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِى الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } . وقوله : { فَحَشَرَ فَنَادَى } فكلها بمعنى الجمع . .
وإذا استعمل بمعنى يوم القيامة فإنه يأتي مقروناً بما يدل عليه ، وهو جميع استعمالات القرآن لهذا ، مثل قوله تعالى : { وَتَرَى الاٌّ رْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ } وذلك في يوم القيامة لبروز الأرض . وقوله تعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْداً } ، وذلك في يوم القيامة لتقييده باليوم . وقوله تعالى : { يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } . وقوله تعالى : { وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } وقوله تعالى : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } . إلى غير ذلك مما هو مقيد بما يعين المراد بالحشر ، وهو يوم القيامة . .
فإذا أطلق كان لمجرد الجمع كما في الأمثلة المتقدمة ، وعليه فيكون المراد بقوله تعالى : { لاًّوَّلِ الْحَشْرِ } ، أن الراجع فيه لأول الجمع ، وتكون الأولية زمانية وفعلاً ، فقد كان أول جمع لليهود ، وقد أعقبه جمع آخر لإخوانهم بني قريظة بعد عام واحد ، وأعقبه جمع آخر في خيبر ، وقد قدمنا ربط إخراج بني النضير من ديارهم بإنزال بني قريظة من صياصيهم ، وهكذا ربط جمع هؤلاء بأولئك إلا أن هؤلاء أجلوا وأخرجوا ، وأولئك قتلوا واسترقوا . .
تنبيه .
وكون الحشر بمعنى الجمع لا يتنافى مع كون خروجهم كان إلى أوائل الشام ، لأن الغرض الأول هو جمعهم للخروج من المدينة ، ثم يتوجهون بعد ذلك إلى الشام أو إلى غيرها . .
وقد استدل بعض العلماء على أن توجههم كان إلى الشام من قوله تعالى : { يَاأَيُّهَآ