@ 7 @ فلا . وقال القرطبي : ويستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من وضع الجريد الأخضر على القبر ، وقوله صلى الله عليه وسلم فيه : ( لعله يحفف عنهما ما لم ييبسا ) . أي بسبب تسبيحهما ، فإذا يبسا انقطع تسبيحهما ا ه . .
والصحيح من هذا كله الأول الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو الذي يشهد له القرآن الكريم لعدة أمور : .
أولاً : لصريح قوله تعالى : { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } . .
ثانياً : أن الحامل لهم على القول بتسبيح الدلالة ، هو تحكيم الحس والعقل ، حينما لم يشاهدوا ذلك ولم تتصوره العقول ، ولكن الله تعالى نفى تحكيم العقل الحسي هنا ، وخطر على العقل بقوله تعالى : { وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } . .
ثالثاً : قوله تعالى في حق نبي الله داود عليه السلام : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ } وقوله تعالى : { إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَالإِشْرَاقِ } ، فلو كان تسبيحها معه تسبيح دلالة كما يقولون ، لما كان لداود عليه السلام خصوصية على غيره . .
رابعاً : أخبر الله تعالى أن لهذه العوالم كلها إدراكاً تاماً كإدراك الإنسان أو أشد منه ، قال تعالى عن السماوات والأرض والجبال : { إِنَّا عَرَضْنَا الاٌّ مَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } ، فأثبت تعالى لهذه العوالم إدراكاً وإشفاقاً من تحمل الأمانة ، بينما سجل على الإنسان ظلماً وجهالة في تحمله إياها ، ولم يكن هذا العرض مجرد تسخير ، ولا هذا الإباء مجرد سلبية ، بل عن إدراك تام ، كما في قوله تعالى : { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلاٌّ رْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } ، فهما طائفتان لله ، وهما يأبين أن يحملن الأمانة إشفاقاً منها . .
وفي أواخر هذه السورة الكريمة سورة الحشر ، قوله تعالى : { لَوْ أَنزَلْنَا هَاذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } ومثله قوله تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ فَهِىَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ