@ 549 @ مكتوب عند الله قبل ذلك ، أوضحه الله تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } وقوله تعالى { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } وقوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاٌّ مَوَالِ وَالاٌّ نفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ، لأن قوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ } قبل وقوع ذلك دليل على أن هذه المصائب معلومة له جل وعلا قبل وقوعها ، ولذا أخبرهم تعالى بأنها ستقع ، ليكونوا مستعدين لها وقت نزولها بهم ، لأن ذلك يعينهم على الصبر عليها ، ونقص الأموال والثمرات مما أصاب من مصيبة ، ونقص الأنفس في قوله : والأنفس ، مما أصاب من مصيبة في الأنفس ، وقوله في آية الحديد هذه { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ } أي بينا لكم أن الأشياء مقدرة مكتوبة قبل وجود الخلق ، وأن ما كتب واقع لا محالة لأجل ألا تحزنوا على شيء فاتكم ، لأن فواته لكم مقدر ، وما لا طمع فيه قل الأسى عليه ، ولا تفرحوا بما آتاكم ، لأنكم إذا علمتم أن ما كتب لكم من الرزق والخير لا بد أن يأتيكم قل فرحكم به ، وقوله : تأسوا ، مضارع أسى بكسر السين يأسى بفتحها أسى بفتحتين على القياس ، بمعنى حزن ومنه قوله تعالى : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } وقوله : من مصيبة مجرور في محل رفع لأنه فاعل أصاب جر بمن المزيدة لتوكيد النفي ، وما نافية . قوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } . قد قدمنا الكلام عليه في سورة شورى هذا الكلام على قوله : { اللَّهُ الَّذِى أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } ، وقدمنا هناك كلام أهل العلم في معناه . قوله تعالى : { وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } . بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة والتي قبلها ، أن إقامة دين الإسلام تنبني على أمرين : أحدهما هو ما ذكره بقوله { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ } لأن في ذلك إقامة البراهين على الحق وبين الحجة وإيضاح الأمر والنهي والثواب والعقاب ، فإذا أصر الكفار على الكفر وتكذيب الرسل مع ذلك البيان والإيضاح ، فإن الله تبارك