@ 543 @ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } . قوله تعالى : { هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي ينزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم آيات بينات ، أي واضحات ، وهي هذا القرآن العظيم ، ليخرج الناس بهذا القرآن العظيم المعبر عنه بالآيات البينات من الظلمات ، أي من ظلمات الكفر والمعاصي إلى نور التوحيد والهدى ، وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء مبيناً في قوله تعالى في الطلاق : { فَاتَّقُواْ اللَّهَ ياأُوْلِى الأَلْبَابِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } وآية الطلاق هذه بينت أن آية الحديد من العام المخصوص ، وأنه لا يخرج بهذا القرآن العظيم من الظلمات إلى النور إلا من وفقهم الله للإيمان والعمل الصالح ، فقوله في الحديد : { لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُّلُمَاتِ } أي بشرط الإيمان والعمل الصالح بدليل قوله : { لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ } ، . .
فالدعوة إلى الإيمان بالقرآن والخروج بنوره من ظلمات الكفر عامة ، ولكن التوفيق إلى الخروج به من الظلمات إلى النور خاص بمن وفقهم الله ، كما دلت عليه آيات الطلاق المذكورة والله جل وعلا يقول : { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون القرآن نوراً يخرج الله به المؤمنين من الظلمات إلى النور ، جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } وقوله تعالى : { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وقوله تعالى : { فَأامِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا } وقوله تعالى : { فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وقوله تعالى : { وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } .