@ 5 @ مع أن أصل الإنذار عام شامل للمذكورين وغيرهم كما يدل عليه قوله تعالى { تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } . .
وإنما خص المذكورين بالإنذار ، لأنهم هم المنتفعون به ، لأن من لم ينتفع بالإنذار ، ومن لم ينذر أصلاً سواء في عدم الانتفاع ، كما قال الله تعالى { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَءَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } . .
وقوله تعالى ، في هذه الآية الكريمة { بَشِيراً وَنَذِيراً } حال بعد حال . وقد قدمنا الكلام عليه وبعض شواهده العربية ، في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ } . وبسطنا الكلام عليه في أول سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ } . .
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يس في الكلام على قوله تعالى { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } وفي سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الاٌّ رْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي لا يسمعون سماع قبول وانتفاع . .
وقد أوضحنا ذلك بالآيات القرآنية في سورة النمل في الكلام على قوله تعالى { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ } . قوله تعالى : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِىءَاذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } . ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار صرحوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، بأنهم لا يستجيبون له ولا يؤمنون به ، ولا يقبلون منه ما جاءهم به فقالوا له قلوبنا التي نعقل بها ، ونفهم في أكنة ، أي أغطية .