@ 375 @ .
والدليل من القرآن على أن هذا القول في الآية هو التحقيق ، أن الله صرح به واضحاً في قوله جل وعلا { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وبذلك تعلم أن ما سواه من الأقوال الآية لا معوّل عليه . .
والأظهر عندي أن المسوغ الذي سوغ إطلاق اسم الموت على العلقة ، والمضغة مثلاً ، في بطون الأمهات ، أن عين ذلك الشيء ، الذي هو نفس العلقة والمضغة ، له أطوار كما قال تعالى : { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } { يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } ، ولما كان ذلك الشيء ، تكون فيه الحياة في بعض تلك الأطوار ، وفي بعضها لا حياة له ، صح إطلاق الموت والحياة عليه من حيث إنه شيء واحد ، ترتفع عنه الحياة تارة وتكون فيه أخرى ، وقد ذكر له الزمخشري مسوغاً غير هذا ، فانظره إن شئت . قوله تعالى : { فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } . قد بين جل وعلا في غير هذا الموضع ، أن الاعتراف بالذنب في ذلك الوقت لا ينفع ، كما قال تعالى : { فَاعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لاًّصْحَابِ السَّعِيرِ } وقال تعالى { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : فهل إلى خروج من سبيل ، قد قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية ، في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى { يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ } . قوله تعالى : { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ } . قد تقدم الكلام عليه في سورة الصافات ، في الكلام على قوله تعالى { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } . قوله تعالى : { فَالْحُكْمُ للَّهِ الْعَلِىِّ الْكَبِيرِ } . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الكهف ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا } .