وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 152 @ المصدر ، الذي هو النطق ؛ لأن المشتق تابع للمشتق منه ، ولا يمكن فهمه بدون فهمه ، وهذا التوجيه أقرب من غيره مما يذكرونه من توجيه ما ذكر . .
ومثال الاستعارة التبعية عندهم في متعلق معنى الحرف ، في زعمهم هذه الآية الكريمة ، قالوا : اللام فيها كلفظ الأسد في المثال الأوّل ، فإنه أطلق على غير الأسد لمشابهة بينهما ، قالوا : وكذلك اللام أصلها موضوعة للدلالة على العلّة الغائية ، وعلّة الشىء الغائية ، هي ما يحمل على تحصيله ليحصل بعد حصوله ، قالوا : والعلّة الغائية للالتقاط في قوله تعالى : { فَالْتَقَطَهُ } ، هي المحبة والنفع والتبنّي ، أي : اتّخاذهم موسى ولدًا ، كما صرّحوا بأن هذا هو الباعث لهم على التقاطه وتربيته ، في قوله تعالى عنهم : { قُرَّةُ عَيْنٍ لّى وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } ، فهذه العلّة الغائية عندهم هي التي حملتهم على التقاطه ، لتحصل لهم هذه العلّة بعد الالتقاط . .
قالوا : ولما كان الحاصل في نفس الأمر بعد الالتقاط ، هو ضدّ ما رجوه وأملوه ، وهو العداوة والحزن ، شبهت العداوة والحزن الحاصلان بالالتقاط بالمحبة والتبنّي والنفع ، التي هي علة الالتقاط الغائية بجامع الترتّب في كل منهما ، فالعلّة الغائية تترتّب على معلولها دائمًا ترتّب رجاء للحصول ، فتبنّيهم لموسى ومحبّته كانوا يرجون ترتبهما على التقاطهم له ، ولما كان المترتّب في نفس الأمر على التقاطهم له ، هو كونه عدوًّا لهم وحزنًا ، صار هذا الترتّب الفعلي شبيهًا بالترتّب الرجائي ، فاستعيرت اللام الدالَّة على العلّة الغائية المشعرة بالترتّب الرجائي للترتّب الحصولي الفعلي الذي لا رجاء فيه . .
وإيضاحه أن ترتّب الحزن والعداوة على الالتقاط أشبه ترتّب المحبة والتبنّي على الالتقاط ، فأطلقت لام العلّة الغائية في الحزن والعداوة ، لمشابهتهما للتنبّي والمحبة في الترتّب ، كما أطلق لفظ الأسد على الرجل الشجاع ، لمشابهتهما في الشجاعة . .
وبعض البلاغيين يقول : في هذا جرت الاستعارة الأصلية أوّلاً بين المحبة والتبنّي ، وبين العداوة والحزن اللذين حصولهما هو المجرور ، فكانت الاستعارة في اللام تبعًا للاستعارة في المجرور ؛ لأن اللام لا تستقل فيكون ما اعتبر فيها تبعًا للمجرور ، الذي هو متعلّق معنى الحرف ، وبعضهم يقول : فجرت الاستعارة أولاً في العلية والغرضية ، وتبعيتها في اللام ، وهناك مناقشات في التبعية في معنى الحرف تركناها ، لأن غرضنا بيان مرادهم بالاستعارة التبعية في هذه الآية بإيجاز .