@ 397 @ والضحاك ، وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، والسدي ، ووهب بن منبه وغيرهم . وممن قال إنه عيسى : الحسن ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن عباد بن جعفر . وهو إحدى الروايتين عن قتادة . وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قاله ابن كثير وغيره . قوله تعالى : { وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً } . لم يصرح جل وعلا في هذه الآية الكريمة ببيان الشيء الذي أمرها أن تأكل منه ، والشيء الذي أمرها أن تشرب منه . ولكنه أشار إلى أن الذي أمرها أن تأكل منه هو ( الرطب الجني ) المذكور . والذي أمرها أن تشرب منه هو النهر المذكور المعبر عنه ( بالسري ) كما تقدم هذا هو الظاهر . .
وقال بعض العلماء : إن جذع النخلة الذي أمرها أن تهز به كان جزعاً يابساً ؛ فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جني . وقال بعض العلماء : كان الجذع جذع نخلة نابتة إلا أنها غير مثمرة ، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر وجعله رطباً جنياً . وقال بعض العلماء : كانت النخلة مثمرة ، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذي كان موجوداً . والذي يفهم من سياق القرآن : أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة ، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة . ولم يكن الرطب والنهر موجودين قبل ذلك ، سواء قلنا إن الجذع كان يابساً أو نخلة غير مثمرة ، إلا أن الله أنبت فيه الثمر وجعله رطباً جنياً . ووجه دلالة السياق على ذلك أن قوله تعالى : { فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً } يدل على أن عينها إنما تقر في ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة ؛ لأنها هي التي تبين براءتها مما اتهموها به . فوجود هذه الخوارق من تفجير النهر ، وإنبات الرطب ، وكلام المولود تطمئن إليه نفسها وتزول به عنها الربية ، وبذلك يكون قرة عين لها ؛ لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التي تمنت بسببها أن تكون قد ماتت من قبل وكانت نسياً منسياً لم يكن قرة لعينها في ذلك الوقت كما هو ظاهر . وخرق الله لها العادة بتفجير الماء ، وإنبات الرطب ، وكلام المولود لا غرابة فيه . وقد نص الله جل وعلا في ( آل عمران ) على خرقه لها العادة في قوله { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَاذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } . قال العلماء : كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف . وإجراء النهر وإنبات الرطب ليس أغرب من هذا المذكور في سورة ( آل عمران ) .