@ 348 @ وَقْراً } . وقد بينا معنى كونهم لا يستطيعون السمع في أول سورة ( هود ) في الكلام على قوله تعالى : { يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } فأغنى عن إعادته هنا . وقد بينا أيضاً طرفاً من ذلك في الكلام على قوله تعالى في هذه السورة الكريمة : { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىءَاذَانِهِمْ وَقْراً } وقد بين تعالى في موضع آخر : أن الغطاء المذكور الذي يغشو بسببه البصر عن ذكره تعالى يقيض الله لصاحبه شيطاناً فيجعله له قريناً . وذلك في قوله تعالى : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } . قوله تعالى : { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } . الهمزة في قوله تعالى : { أَفَحَسِبَ } للإنكار والتوبيخ . وفي الآية حذف دل المقام عليه . قال بعض العلماء : تقدير المحذوف هو : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ، ولا أعاقبهم العقاب الشديدا كلاا ! بل سأعاقبهم على ذلك العقاب الشديد . بدليل قوله تعالى بعده : { إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } وقال بعض العلماء : تقديره : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياءا وأن ذلك ينفعهم . كلاا لا ينفعهم بل يضرهم . ويدل لهذا قوله تعالى عنهم : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } وقوله عنهم : { وَيَقُولُونَ هَاؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ } . ثم إنه تعالى بين بطلان ذلك بقوله : { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِى الاٌّ رْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، وما أنكره عليهم هنا من ظنهم أنهم يتخذون من دونه أولياء من عباده ولا يعاقبهم . أو أن ذلك ينفعهم جاء مبيناً في مواضع ، كقوله في أول سورة ( الأعراف ) : { اتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } . فقد نهاهم عن اتباع الأولياء من دونه في هذه الآية ، لأنه يضرهم ولا ينفعهم ، وأمثال ذلك كثيرة في القرآن من الأدلة على أنه لا ولي من دون الله لأحد ، وإنما الموالاة في الله ، كقوله : { وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ } ، وقوله : { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } ، وقوله : { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِىٍّ } ، وقوله { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ } ، وقوله : { وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِىٌّ } ، ونحو ذلك من الآيات . وسيأتي له قريباً إن شاء الله تعالى زيادة إيضاح وأمثلة . والأظهر المتبادر من الإضافة في قوله ( عبادي ) أن المراد بهم نحو الملائكة