@ 346 @ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } إلى غير ذلك من الآيات بخلاف هذا القرآن العظيم ، فقد تولى الله جل وعلا حفظه بنفسه ، ولم يكلمه أحد حتى يغير فيه أو يبدل أو يحرف ، كما قال تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، وقال : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ } ، وقال : { لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } . وقال في النَّبي صلى الله عليه وسلم : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى } ، وقد صح عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل ، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم ، خوف أن يصدقوا بباطل ، أو يكذبوا بحق . .
ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات : في واحدة منها يجب تصديقه ، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه . وفي واحدة يجب تكذيبه ، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضاً على كذبه . وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ، كما في الحديث المشار إليه آنفاً : وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه . وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجه بأيدي بعضهم ، زاعمين أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح ، التي لم تحرف ولم تبدل . والعلم عند الله تعالى . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { جَعَلَهُ دَكَّآءَ } قرأه نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ( دكاً ) بالتنوين مصدر دكه . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي { جَعَلَهُ دَكَّاء } بألف التأنيث الممدودة تأنيث الأدك . ومعنى القراءتين راجع إلى شيء واحد ، وقد قدمنا إيضاحه . .
! 7 < { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَآءٍ عَن ذِكْرِى وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً * أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً * قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاٌّ خْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُوْلَائِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأايَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً * ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَاتَّخَذُواْ ءَايَاتِى وَرُسُلِى هُزُواً } > 7 ! قوله تعالى : { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً } . قوله : { وَعَرَضْنَا } أي أبرزنا وأظهرنا جهنم { يَوْمَئِذٍ } أي يوم إذ جمعناهم جمعاً . كما دل على ذلك قوله قبله : { وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً } . وقال بعض العلماء : اللام في قوله ( للكافرين ) بمعنى على ، أي عرضنا جهنم على الكافرين ، وهذا يشهد له القرآن في آيات متعددة . لأن العرض في القرآن يتعدى بعلى لا باللام . كقوله تعالى : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ } ، وقوله : { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } ، وقوله تعالى : { وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ