@ 335 @ دعوى لا دليل عليها والأصل خلافها ، لأن الأصل أن بني آدم يرى بعضهم بعضاً لاتفاقهم في الصفات النفسية ، ومشابهتهم فيما بينهم . .
الثانية أنا لو فرضنا أنه لا يراه بنو آدم ، فالله الذي أعلم النَّبي بالغيب الذي هو ( هلاك كل نفس منفوسة في تلك المائة ) عالم بالخضر ، وبأنه نفس منفوسة . ولو سلمنا جدلياً أن الخضر فرد نادر لا تراه العيون . وأن مثله لم يقصد بالشمولي في العموم فأصح القولين عند علماء الأصول شمول العام والمطلق للفرد النادر والفرد غير المقصود . خلافاً لمن زعم أن الفرد النادر وغير المقصود لا يشملهما العام ولا المطلق . .
قال صاحب جمع الجوامع في ( مبحث العام ) ما نصه : والصحيح دخول النادرة وغير المقصودة تحته . فقوله : ( النادرة وغير المقصودة ) ، يعني الصورة النادرة وغير المقصودة . وقوله : ( تحته ) يعني العام . والحق أن الصورة النادرة ، وغير المقصودة صورتان واحدة ، وبينهما عموم وخصوص من وجه على التحقيق . لأن الصورة النادرة قد تكون مقصودة وغير مقصودة . والصورة غير المقصودة قد تكون نادرة وغير نادرة . ومن الفروع التي تبنى على دخول الصورة النادرة في العام والمطلق وعدم دخولها فيهما اختلاف العلماء في جواز دفع السبق بفتحتين في المسابقة على الفيل . وإيضاحه أنه جاء في الحديث الذي رواه أصحاب السنن والإمام أحمد من حديث أبي هريرة أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر ) ولم يذكر فيه ابن ماجه ( أو نصل ) والفيل ذو خف ، وهو صورة نادرة . فعلى القول بدخول الصورة النادرة في العام يجوز دفع السبق بفتحتين في المسابقة على الفيلة . والسبق المذكور هو المال المجعول للسابق . وهذا الحديث جعله بعض علماء الأصول مثالاً لدخول الصورة النادرة في المطلق لا العام . قال : لأن قوله : ( إلا في خف ) نكرة في سياق الإثبات . لأن ما بعد ( إلا ) مثبت ، والنكرة في سياق الإثبات إطلاق لا عموم . وجعله بعض أهل الأصول مثالاً لدخول الصورة النادرة في العام . .
قال الشيخ زكريا : وجه عمومه مع أنه نكرة في الإثبات أنه في حيز الشرط معنى ، إذ التقدير : إلا إذا كان في خف . والنكرة في سياق الشرط نعم ، وضابط الصورة النادرة عند أهل الأصول هي : أن يكون ذلك الفرد لا يخطر غالباً ببال المتكلم لندرة وقوعه . ومن أمثلة الاختلاف في الصورة النادرة : هل تدخل في العام والمطلق أولاً اختلاف العلماء في وجوب الغسل من خروج المني الخارج بغير لذة ، كمن تلدغه عقرب في ذكره فينزل منه