قال صفوان بن عسال وكيف وفينا كتاب الله ونعلمه أولادنا فغضب رسول الله A حتى عرف ذلك فيه ثم قال أليست التوراة والإنجيل في أيدي اليهود والنصارى فما أغنت عنهم حين تركوا ما فيهما .
قال أبو محمد هذا الحديث من أعظم الحجج عليهم في وجوب إبطال القياس لأنه A أخبر أن من ترك القرآن والعمل به فقد ترك العلم أو سلك سبيل اليهود والنصارى وأصحاب القياس أهل هذه الصفة لأنهم تركوا القرآن والعمل به وأقبلوا على قياساتهم الفاسدة ونعوذ بالله من الخذلان .
ثم يقال لهم إنما تعلقتم بتشبيه النبي A فعل من حرم التوفيق من أمته في ذلك بفعل اليهود والنصارى إذ نبذوا كتابهم ونحن نقر بصحة هذا التشبيه وإنما ننكر أن يكون حكم من فعل ذلك من المسملين كحكم من أشبه فعله من اليهود والنصارى .
وأما أهل القياس فيلزمهم لزوما ضروريا إذ حكموا للمشتبهين بحكم واحد أن يحكموا فيمن ترك أحكام القرآن منا بما نحكم به في اليهود والنصارى من القتل والسبي للذراري والنساء وأخذ الجزية إن سالموا فإن تمادوا على قياسهم لحقوا بالصفرية الأزارقة وعاد هذا من الحكم عليهم في تركهم لأحكام القرآن والعمل بالقياس وإن جحدوا عن ذلك تناقضوا وتركوا القياس وبالله تعالى التوفيق .
فهذا كل ما موهوا به من إيراد الحديث الذي قد أوضحنا بحول الله تعالى وقوته أنه كله حجة عليهم وموجب لإبطال القياس وكل من له أدنى حس يرى أن إيرادهم ما أوردوا لا طريق للقياس فيه ولأنهم يوهمون الضعفاء أننا ننكر تشابه الأسماء ونحن ولله الحمد أعلم بتشابه الأسماء منهم وأشد إقرارا به منهم .
وإنما ننكر أن نحكم في الدين للمتشابهين في بعض الصفات بحكم واحد من إيجاب أو تحريم أو تحليل بغير إذن من الله تعالى أو من رسوله A فهذا أنكرنا وفي هذا خالفنا لا في تشابه الأشياء فلو تركوا التمويه الضعيف لكان أولى بهم .
وادعى بعضهم دون مراقبة إجماع الصحابة Bهم على القول بالقياس وهذه مجاهرة لا يعدلها في القبح شيء أصلا وباليقين نعلم أن ما روي قط عن أحد من الصحابة القول بأن القياس حق بوجه من الوجوه لا من طريق تصح ولا من طريق ضعيفة إلا حديثا واحدا نذكره إن شاء الله تعالى بعد فراغنا من ذكر تمويههم بدلائل الإجماع وهو لا يصح البتة