لا يمتنع أن ينتفي ذلك الجزم والاعتقاد معه بانتقاله إلى خلاف ما كان عليه كما يتفق في كثير من الاعتقادات فكأنه قيل الاعتقاد هو الجزم الذي يقبل التشكيك في الجملة أشار إليه السعد في حواشي شرح العضد .
ثم إنه ينقسم الاعتقاد إلى صحيح وفاسد كما أفاده قولنا ... مطابقا فهو الصحيح أو عدا ... .
ذلك هو فاسد وجهل فالصحيح من الاعتقاد ما طابق الواقع والفاسد بخلافه فالأول كاعتقاد المقلد بمشروعية رفع اليدين في تكبيرة الإحرام في الصلاة مثلا والثاني كاعتقاد الملاحدة أن العالم قديم فهو اعتقاد فاسد ويقال له جهل مركب أيضا إذ هو جهل لما في الواقع وجهل بكونه جاهلا .
واعلم أن مطابقته للواقع قد تكون معلومة بالدليل لنا كاعتقاد حدوث العالم لقيام الأدلة عليه التي يمكن معها معرفة مطابقة الاعتقاد للواقع ومثل مسألة رفع اليدين فيما مثل وقد لا يعلم بالأدلة ولا ضير في ذلك لأن حقيقة الاعتقاد الصحيح مطابقته للواقع لا الاطلاع عليها كما قلناه في المجتهد المصيب للحق المأجور أجرين لأنه لا يعرف إصابته للحق إلا يوم الجزاء أو بخبر الرسول A وقد فقد الوحي وإذا عرفت هذا فلا يرد الترديد الذي أورده الجلال في شرح الفصول من أنه إن أريد الواقع في نفس الأمر فكيف السبيل إلى ذلك ولا يتم إلا في ما طريقه التواتر أو كان ضروريا وإن أريد ما هو حاصل عند المعتقد فكذلك الفاسد .
ولا يخفى أن المعتقد ليس عنده مطابقة واقع ولا عدمها فكيف يجعله قسيما لما طابق في نفس الأمر فالتحقيق أنه ليس المراد إلا مطابقة ما في نفس الأمر ولا يلزم الاطلاع عليها في المغيبات ولا في غيرها فمن اعتقد أن زيدا في الدار لأمارة دلت على ذلك وسكنت إليه نفسه وانكشف أنه فيها فاعتقاده صحيح وإن لم يكن فيها فهو فاسد