وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال الله - تبارك وتعالى - : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا : الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ( 180 ) " [ البقرة ] .
قال الله : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ [ ص 138 ] أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 240 ) " [ البقرة ] .
فأنزل الله ميراثَ الوالِدَيْن ومن ورث بعدَهما ومَعَهما من الأقْرَبِين وميراثَ الزوج من زوجته والزوجةِ من زوجها .
فكانت الآيتان محتملتين لأن تُثْبِتا الوصيةَ للوالدَيْن والأقربين والوصيَّةَ للزوج والميراثَ مع الوصايا فيأخذون بالميراث والوصايا ومحتملةً بأن تكون المواريث ناسخةً للوَصَايَا .
فلَمَّا احتملتْ الآيتان ما وصفنا كان على أهل العلم طَلَبُ الدِّلالة من كتاب الله فما لم يجدوه نصاً في كتاب الله طَلَبُوه [ ص 139 ] في سنة رسول الله فإن وَجَدوه فما قَبِلُوا عن رسول الله فَعَنْ اللهِ قَبِلُوهُ بما افْتَرَضَ مِن طاعته .
ووَجدْنا أهلَ الفُتْيَا ومَنْ حَفِظْنَا عنه مِنْ أهل العلم بالمَغَازِي مِنْ قُريش وغيرهمْ : لا يختلفون في أنَّ النبي قال عامَ الفَتْحِ : " لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ " ويَأْثُرُونه عَنْ مَنْ حَفظوا عنه مِمَّنْ لَقُوا من أهل العلم بالمغازي .
فكان هذا نَقْلَ عامَّةٍ عنْ عامَّة وكان أقوى في بعض الأمْرِ من نقْلِ واحد عن واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مُجتمعين .
قال : ورَوَى بعضُ الشَّامِيِّين حديثاً ليس مما يُثْبِتُه أهل الحديث فيه : أنَّ بعضَ رِجاله مجهولون فَرَوَيْناه عن النبي منقطِعًا .
[ ص 140 ] وإنما قَبِلْنَاه بما وَصَفْتُ من نقْل أهل المغازي وإجماع العامة عليه وإن كُنَّا قد ذكرنا الحديث فيه واعتمدنا على حديثِ أهل المغازي عامًّا وإجماع الناس .
أخْبَرنا " سفيان " عن " سليمان الأحْوَل " عن " مجاهد " أنَّ رسولَ الله قال : " لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " ( 1 ) .
[ ص 142 ] فاستدللنا بما وصفتُ من نقْلِ عامَّة أهل المغازي عن النبي أن : " لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " على أنَّ المواريث ناسخة للوصية للوالدين والزوجة مع الخبر المُنْقَطع عن النبي وإجماعِ العامَّة على القول به .
وكذلك قال أكثرُ العامَّة : إن الوصية للأقربين [ ص 143 ] منسوخة زائلٌ فَرْضُها إذا كانوا وارثين فبالميراث وإن كانوا غَيْرَ وارثين فليس بِفَرض أنْ يُوصي لهم .
إلاَّ أنَّ " طاوسًا " وقليلاً معه قالوا : نُسِخت الوصية للوالدين وَثَبَتَتْ للقرابة غير الوارثين فَمَنْ أوْصَى لغير قرابة لم يَجُزْ .
فلَمَّا احتملت الآية ما ذهب إليه " طاوس " مِن أنَّ الوصيَّة للقرابة ثابتة إذْ لم يكن في خبر أهل العلم بالمغازي إلاَّ أنَّ النبي قال : " لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " وَجَبَ عِندنا على أهل العلم طلبُ الدِّلالة على خِلاف ما قال " طاوس " أو مُوَافَقَتِه : .
فوجدنا رسول الله حَكَمَ في سِتَّةِ مَمْلُوكِينَ كانوا لرجل لا مالَ له غيرُهم فَأَعْتَقَهُم عند الموت فَجَزَّأَهُم النبيُّ ثلاثةَ أجزاء فَأَعْتَقَ اثنين وَأَرَقَّ أربعةً .
[ ص 144 ] أخْبَرَنا بذلك " عبد الوهاب " عن " أيوب " عن " أبي قِلابَة " عن " أبي المُهَلَّبِ " عن " عِمران بن حُصَينٍ " عن النبي .
قال : فكانت دِلالة السنة في حديث " عِمران بن حُصَيْنٍ " بَيِّنَةً بأن رسول الله أَنْزَلَ عِتْقَهم في المرض وصيَّةً .
[ ص 145 ] والذي أعْتَقَهُمْ رجل من العَرَب والعربيُّ إنَّما يَمْلِكُ مَن لا قَرابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِن العَجَم ِ فأجازَ النبي لهم الوصيةَ .
فدلَّ ذلك على أن الوصية لو كانت تَبْطُلُ لِغير قرابة : بَطَلَتْ لِلْعبيد المُعْتَقين لِأنَّهم ليسوا بِقَرَابة للمُعْتِق .
ودلَّ ذلك على أنْ لا وصيةَ لِمَيِّت إلا في ثُلُثِ ماله ودل ذلك على أنْ يُرَدَّ ما جَاوَزَ الثلثَ في الوصية وعَلَى إبْطال الاستسعاء وإثْبَات القَسْمِ والقُرْعَة .
وبَطَلَتْ وصية الوالدين لأنهما وارِثان وثَبَتَ مِيراثُهما .
ومَن أوْصَى له المَيِّتُ مِن قَرَابةٍ وغيرِهِم جَازَتْ الوصيةُ إذا لم يكن وارِثاً .
وأحَبُّ إليَّ لوْ أوْصى لِقَرابَته .
_________ .
( 1 ) الترمذي : كتاب الوصايا / 2046 النسائي : كتاب الوصايا / 3581 أبو داود : كتاب الوصايا / 2486 ابن ماجه : كتاب الوصايا / 2704