وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- وايضا فقد رأينا في زمن من الأزمنة اضطراب حبل الأمن في البلاد المقدسة اضطرابا شديدا فلما نفذ فيهم حكم الله تعالى وقطعت ايدي بعض السارقينن لم تلبث الجريمة أن اختفت وحل محالها الأمن والطمأنينة .
على أن الذي يتأمل في المثالين المذكورين يدرك أن شدة العقوبة إنما هي في ظاهر المر أما في الواقع فهي رحمة بالسارقين فاسدي الأخلاق فإنهال قد زجرتهم فعلا وأوقفتهم عند حدهم فتركوا هذه الجريمة المؤذية للمجتمع شر إيذاء .
طعن الملاحدة .
لقد أثار الملاحدة شبهة على حد الشرقة وطعنوا في أحكام القرآن الكريم وقالوا : لونفذنا حد السرقة لشوهنا نسف المجتمع وقضينا على عدد كبير من أبناء البشرية الذين تشل حركتهم ولرأينا جيشا جرارامن العاطلين والمشوهين الذين قطعت أطرافهم بحد السرقة والرد على هذه الشبهة يسير جدا وهو أن تقول لهم : انظروا إلى المجتمع الذي كان في عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعهد الخلفاء الراشدين والأمن الذي كان ينتشر فيه والسعادة التي كانت ترفرف عليه حين كانوا ينفذون أحكام الشرعة بدقة من غير إهمال .
وقارنوا بينه وبين المجتمع الذي نحن فيه مع وجود المال وانتشار الحضارة والمدنية في كل مكان . ولكن الأمن غير مستتب والناس غير آمنين على أموالهم وأنفسهم والفاسد قط عم كل مكان والسرقات من الأفراد والجماعات و الحكومات سرا وعلانية بل إن العصابات تسطو على الناس في الشوارع والطرقات في الليل ورابعة النهار وفي الممحلات والسيارات والمركبات وذلك كله لعدم تنفيذ حدود الإسلام والتمسك بأحكام الشريعة الغراء .
فتنفيذ حد السرقة هو العلاج الوحيد لهذه الفوضى التي نعيش فيها في هذا الزمان . كما أنهم طعنوا في أحكام الشريعة وقالوا جهلا منهم إن اليد إذا اعتدي عليها تقوم في الدية بخمسمائة دينار من الذهب الخالص . فكيف تقطع في ثلاثة دراهم وهو مال حقير وقد ذكروا أن ابا العلاء المعري لما قدم بغداد اشتهر عنه أنه اورد إشكالا على الفقهاء في جعلهم نصاب السرقة ربع دينار ونظم في ذلك شعرا دل على جهله وقلة عقله فقال : .
يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار .
تناقض حالنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار .
ولما قال ذلك واشتهر عنه تطلبه الفقهاء فهرب منهم وقد أجابه الناس في ذلك بأجوبة كثيرة وكان جواب القاضي عبد الوهاب المالكي C تعالى أن قال : ( لما كانت أمينة كانت ثمينة ولما خانت هانت ) ومنهم من قال : هذا مت تمام الحكمة والمصلحة وأسرار السريعة العظيمة فإن باب الجنايات ناسب أن تعظم قيمة اليد بخمسمائة دينار لئلا يجنى عليها إكراما لبني آدم وتعظيما لمكانته ورفعة لحرمته وفي باب السرقة ناسب أن يكون القدر الذي تقطع فيه ربع دينار لئلا يسارع الناس في سرقة الأموال فهذا هو عين كالحكمة عند ذوي العقول والألباب ولهذا قال تعالى : { جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم } . أي مجازاة على صنيعهما السيء في أخذهما أموال الناس بأيديهم فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك { نكالا من الله } أي تنكيلا من الله بهما على ارتكاب هذا الجرم الشنيع الذي لا يلجأ إليه إلا النفوس الخبيثة التي رق دينها ونسيت مراقبة الله لها وباعت آخرتها بدنياها فتعدت حدود الله من غير خوف ولا وجل وتجرأت على أكل أموال الناس بالباطل . فكان من الحكمة أن يقسو عليها الشرع في أحكامه حتى تردع عن غيها وترجع عن إجرامها . { والله عزيز } في انتقامه لا يغالب بل يقهر الجبارين المعتدين { حكيم } في أمره' ونهيه وشرعه وقدره وفيما يشرعه منأحكام لعباده صيانة لمصالحهم وحفظا لأموالهم .
ارواحهم وجلبا لسعادتهم في هذه الحياة وتطهيرا للمجتمع من المفسدين والعابثين ولأن الأموال خلقت مهيأة للانتفاع بها للخلق أجمعين ثم الحكمة الأولية حكمة فيها الاختصاص الذي هو الملك المك شرعا وبقيت الطماع متعلغة بها والمال والحرز عن أكثرهم فاذا أحرزها مالكها فقد اجتمع فيها الصون والحرز الذي هو غاية الإمكان للإنسان فإذا هنكا فشت الجريمة فعظمت العقوبة وإذا عنك احد الصورتين وهو المك . وجب الضمان والأدب حتى يرتدع المعتدون الذين لا يخافون الله واليوم الآخر فلعنة الله على السارق الخائن الذي يبذل الغالية الثمينة في الأشياء المهينة .
قالوا : وقد بدأ الله بالسارق في هذه الآية قبل ذكر السارقة وبدأ بذكر الزانية في آية الزنى قبل ذكر الزاني . لأن حب المال في قلوب الرجال أغلب منه في قلوب النساء فقد ذكر الرجال في السرقة ولأن شهوة الاستمتاع باللذة على النساء أغلب منها على الرجال فقد ذكر النساء في آية الزنى . والله أعلم .
وقد جعل الله تعالى حد السرقة قطع اليد لتناول المال بها ولم يجعل حد الزنى قطع الذكر مع واقعة الفاحشة به لثلاثة معان أحدهما : أن للسارق مثل يده التي قطعت فإن انزجر بها اعتاض بالثانية وقضى بها مآربه ولكن ليس للزاني مثل ذكره إذا قطع فلم يعتض بغيره لو انزجر بقطعه الثاني : أن الحد زجر للمحدود وغيره وقطع اليد في السرقة ظاهر يراه الناس بالعيان فيعتببرون به أما قطع الذكر في الزنى فهو باطن فلا يراه أحد للعبرة .
الثالث : أن قطع الذكر فيه إبطال للنسل وليس في قطع اليد إبطاله ثم قال الله تعالى : { ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير } فالآية خطاب للنبي A وغيره أي لا قرابة بين الله ولين أحد من خلقه توجب المحاباة والحدود تقام على كل من يقارف موجب الحد وله أن يحكم بما يريد ويفعل ما يشاء لنه مالك الملك فيعذب من يشاء بعدله ويغفر لمن يشاء بجوده وكرمه وهو على كل شيء قدير والله اعلم .
توبة السارق .
اتفق الأئمة على أن السارق إذا تاب عن السرقة توبة صالحة وظهرت أماراتها وندم على ما سقط منه وعزم على عدم العود إلى السرقة مرة ثانية فإن الله تعالى يقبل توبته لقوله تعالى في الآية الثانية بعد آية السرقة : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فأن الله يتوب عليه أن الله غفور رحيم } فإن الله تعالى يتجاوز عنه ويغفر له خطيئته .
وقد روي عن الرسول A أنه قال : ( التوبة تجب ما قبلها ) وقال صلوات الله وسلامه عليه . ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) وإذا أقيم عليه الحد في الدنيا فإنه يكون كفارة له ولا يعذب بهذا الذنب يوم القيامة إذا رضي بالحد وقبله وتاب إلى ربه . قال رسول الله A : ( الله أعدل أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة ) ولكن القطع لا يسقط عنه بالتوبة وصيرورته عدلا ولو طال زمن التوبة والعدالة . بعد السرقة الثابتة عليه . ومحل عدم سقوط القطع عنه إذا بلغ الأمر إلى الإمام بدليل ما روى أبو داود عن صفوان بن أمية قال : كنت نائما في المسجد على خميصة لم ثمنها ثلاثون درهما فجاء رجل فاختلسها مني ) فأخذ الرجل فأتي به النبي A فأمر به ليقطع قال : فأتيته فقلت : أتقطعه من أجل ثلاثين درهما ؟ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها قال : ( فهلا كان هذا قبل أن تأتي به ) . فإذا لم يصل الأمر إلى الإمام فيسقط القطع بالعفو والشفاعة وهيئة الشيء للسارق وذلك إذا لم يكن الرجل معروفا بالفساد وإلا فلا تقبل الشفاعة فيه حتى يرتدع ويشترط في التوبة أن تكون بينة صادقة وعزيمة صحيحة خالية من سائر الأغراض الدنيوية . حتى لا يسرق المجرمون أتكالا على الشفاعة عند القبض عليهم .
كما قال تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح } قبلها الله فيما بينه وبينه فأما أموال الناس فلا بد من ردها اليهم كما قالل جمهور العلماء . وقد وقعت حوادث في عهد رسول الله A وتاب أصحابها توبة نصوحا روى أبو هريرة أن رسول الله A أتي بسارق قد سرق شملة فقال : ما أخاله . سرق فقال السارق . بلى يا رسول الله قال : ( اذهبوا به فاقطعوه ثم أحسموه ثم أئتوني به ) فقطع فأتي به فقال ( تب إلى الله ) فقال : ( تاب الله عليك ) .
وقد روى أبن ماجة من حديث أبن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن ثعلبة النصاري عن ابيه عن عمر بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى النبي A فقال : يارسول الله إنتي سرقت جملا لبني فلان فطهرني فأرسل إليهم النبي A فقالوا : إنا افتقدنا جملا لنا فأمر به فقطعت يده وهو يقول الحمد الله الذي طهرني منك اردت أن تدخلي ( جسدي النار ) فهد التوبة النصوح . وقال اب جرير حدثنا أبو كريب حدثنا موسى بن داود حدثنا أبن لهيعة عن يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال : سرقت امرأة حليا فجاء الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله سرقتنا هذه المرأة فقال رسول الله A : ( اقطعوا يدها اليمنى ) فقال المرأة : هل من توبة ؟ فقال رسول الله A : ( أنت اليوم من خظئتك كيوم ولدتك امك ) قال : فأنزل الله D : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فأن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم } .
وقد رواه الإمام أحمد بأبسط من هذا فقال : حدثنا أبن لهيعة حدثني يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله A فجاء بها الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله إن هذه المرأة سرقتنا قال قومها : فنحن نفديها فقال رسول الله A : ( اقطعوا يدها ) فقالوا نحن نفديها بخمسمائة دينار فقال : ( اقطعوا يدها ) فقطعت يدها اليمنى فقالت المرأة هل لي من توبة يا رسول الله ؟ قال : ( نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك امك ) فأنزل الله في سور المائدة : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم } وهذه المرأة هي المخزومية التي سرقت وحديثها ثابت في الصحيحين كما سبق في أول الباب .
وروي عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قال عنها : إنها تابت وحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله A فهذه هي التوبة الخالصة التوبة النصوح التي تحمل صاحبها على الندم على ما وقع منه وتشعره بالحسرة على ما فرط في جنب الله D ويجبره على الإقلاع عن الذنب . )