وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد يقال : إن مثل هذه الأنكحة قال بصحتها بعض أئمة المسلمين أيضا والكلام هنا يصح أن يكون في الفاسد المجمع على فساده فإذا تزوجها بنكاح فاسد عند جميع المسلمين فإنهم يتركون عليه ويقرون عليه بعد إسلامهم . أو بعد مرافعتهم إلينا إن لم يكن ظاهرا لنا بقاء فساده عند الإسلام مثال ذلك أن يتزوجها وهي في عدة الغير ويبني بها وتنقضي عدتها ثم يدخلان الإسلام فإنهما لا يقران على هذا النكاح وذلك لأن الشرط في إقرارهم على النكاح الفاسد أن لا يستمر المفسد المعلوم لنا إلى وقت الإسلام فإذا أسلما قبل انقضاء عدتها من الغير ولم يظهر لنا ذلك فليس لنا أن نبحث عن المفسد ولا عن كونه مستمرا إلى الدخول في الإسلام أو لا .
وحاصل هذا أننا لا نتعرض لأنكحة غير المسلمين وهم على دينهم فإذا ترافعوا إلينا أو أسلموا فإننا نقرهم عليها من غير بحث عن كونها وقعت صحيحة أو فاسدة بحيث لا يجوز لنا البحث فإن ظهر لنا فسادها ننظر فيما إذا كان المفسد باقيا وقت الإسلام أو زال . فإن كان باقيا فرقنا بينهما وإن كان قد زال أقررناهم عليه كما بيناه فيما إذا عقد عليها وهي في عدة الغير .
فإذا لم نعرف أنه تزوجها وهي معتدة فلا يصح لنا أن نسألهما في ذلك أو نبحث عنه أما إذا كان المفسد ظاهرا لنا بحيث لا يمكن إخفاؤه كما إذا تزوج المجوسي محرما من محارمه كأخته . وبنته وعمته . وزوجة أبيه . وابنه فإن المفسد في هذه الحالة ظاهر ومجمع عليه فإذا أسلما فرق بينهما كما يقول الحنفية وكذلك إذا ترافعوا إلينا وهم على دينهم أو ترافع إلينا أحدهما خلافا للحنفية فإننا لا نقرهم عليه وإذا أسلمت الزوجة سواء كانت كتابية . أو غير كتابية فإن كان إسلامها قبل الوطء . أو ما في معناه . كاستدخال مني الرجل بغير الوطء وقعت الفرقة بينهما حالا إن لم يسلم معها وإن أسلمت بعد الدخول كان عليها العدة فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء العدة ولو في آخر لحظة منها لم يفسخ العقد وإلا فرق بينهما والفرقة بينهما فسخ لا طلاق وقد عللوا ذلك بأنهما مقهوران عليها والطلاق إنما يكون بالاختيار فلذا كانت الفرقة فسخا لا طلاقا ولعل وجهه أنه إذا أسلم أحدهما كان الآخر مكرها على الإسلام . أو الفراق فالإكراه من هذه الناحية ظاهر فلا يرد أن الإسلام أو الامتناع عنه صادر بالاختيار أما ما أجيب به من أنهما مكرهان معا على الإسلام بحسب الأصل فإنه غير ظاهر كما لا يخفى . وإذا أسلم الزوج سواء كان كتابيا . أو غير كتابي وتحته امرأة كتابية فإن نكاحهما يبقى لأنها تحل له ابتداء فإن كانت كتابية مستكملة للشرائط المتقدمة وهو كتابي قبل الإسلام فهي حل له باتفاق وإن كان وثنيا غير كتابي وهي كتابية فإنها تحل له عند الشافعية على الراجح .
وإذا أسلما معا في آن واحد بأن انتهى كل واحد منهما بالنطق بالشهادتين في آن واحد بقيت الزوجية بينهما . سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده .
وإذا تزوجت غير المسلمة صغيرا من دينها فأسلم أبوه وأسلمت هي مع أبيه ففيه خلاف فبعضهم يقول : إن النكاح بينها وبين زوجها الصغير يفسخ . وذلك لأن الصغير يحصل إسلامه تبعا لإسلام والده فيكون عقبه . وقد قلنا أن إسلامها هي قد حصل مع إسلام الأب فيكون إسلامها متقدما على إسلام زوجها قبل الدخول فتنجز الفرقة بينهما . ومثل ذلك ما إذا أسلمت عقب إسلام والده لأن إسلام الزوجة في هذه الحالة متأخرا عن إسلام الصغير .
والحاصل أن المعية التي يتقرر بها النكاح يشترط فيها أن يسلما معا في آن واحد بحيث لا يتقدم أحدهما الآخر شيئا ما وإسلام زوجة الصغير بهذه الصورة لم تتحقق به هذه المعية لأنها إما قبله أو بعده كما عرفت .
وبعضهم يقول : أنها إذا أسلمت مع والد الصغير فإن نكاحها يبقى وذلك لأن ترتيب إسلام الصغير على إسلام أبيه لا يقتضي أن إسلام الأب متقدم على إسلام الابن بالزمان بل الشارع قد جعل نطق الأب بالشهادتين إسلاما له ولابنه الصغير في آن واحد فإسلام الزوجة قارن إسلامهما معا نعم إن إسلام الأب متقدم على إسلام البن عقلا لأنه علة فيه والعلة متقدمة على المعلول عقلا ولكن التقدم العقلي لا عبرة به هنا . أما وجهة نظر الأول فهو أن العلة وإن كانت مقارنة للمعلول في الزمان . ولكن الحكم بإسلام الابن لا يمكن إلا بعد إسلام الأب فلا يقال للولد : إنه مسلم ما لم يحكم للأب بالإسلام وكلاهما حسن إلا أن الأول أظهر لأن الغرض من هذه المسألة أن نحكم بأن إسلام الزوجة مقارن لإسلامهما معا ولا شك أن كلمة الشهادتين الحاصلة من الأب أغنت عنه وعن ابنه فكأنها صدرت منهما معا والفرض أن الزوجة قالتها مع الأب فهي في الواقع مقارنة لإسلامهما معا بلا نزاع أما أن الحكم للأبن بالإسلام لا يكون إلا بعد ثبوت إسلام الأب فلا يؤثر في هذا كما لا يخفى .
هذا في الصورة الأولى أما في الصورة الثانية وهي ما إذا أسلمت عقب والد زوجها الصغير فإنه قد يقال : إنها إذا أسلمت عقبه مباشرة وقد قررتم أن إسلام الصغير يتأخر عن إسلام أبيه كما هو الرأي الأول فيكون إسلامها في هذه الحالة مقارنا لإسلام زوجها الصغير لأن كليهما قد تأخر عن إسلام الأب وهو المطلوب والجواب : أن إسلام الصغير حكمي حكم به الشارع تبعا لإسلام أبيه وإسلامها هي قولي والحكمي متقدم على القولي لأنه لا يحتاج إلى عبارة يعبر بها بخلاف القولي .
هذا وإنني أعلم أن مثل هذه الصورة نادرة الوقوع ولكنني قصدت من إيرادها بيان الفلسفة المتعلقة بها للإفادة بها في غيرها وللدلالة على مقدار عناية المتقدمين بالمباحث الفقهية وحكمها وذلك ما أتوخاه في غالب الأحيان .
هذا وإذا طلقها ثلاثا قبل الإسلام ثم جدد نكاحها بدون محلل وتحاكما إلينا في ذلك أو أسلما فإنه يفرق بينهما أما إن جدد العقد بمحلل في الكفر فإنه يكفي .
وإذا أسلم غير المسلم وتحته أكثر من أربع نسوة فإن في هذه الحالة صورا : .
الصورة الأولى : أن يسلمن معه جميعهن دفعه واحدة وفي هذه الصورة يجعل له الخيار في البقاء مع أربعة منهن وترك الباقي سواء دخل بهن . أو لم يدخل وله الحق في أن يختار من عقد عليها أخيرا ولو كانت خامسة أو سادسة خلافا للحنفية فإنهم يقولون ببطلان عقد الأخيرة .
الصورة الثانية : أن يسلمن جميعا قبله . أو يسلمن بعده وفي هذه الحالة ينظر إن كانت عدتهن قد انقضت قبل إسلامه . أو إسلامهن . أو لا فإن كانت قد انقضت فقد انقطع النكاح منهن جميعا وإلا كان الخيار في أربع كالصورة الأولى .
الصورة الثالثة : أن يسلم وتحته أكثر من أربع كتابيات . وفي هذه الحالة يكون له الخيار في أربع منهن ولو لم يسلمن لأنك قد عرفت أنه يحل للمسلم نكاح الكتابيات وهن على ديانتهن .
الصورة الرابعة : أن يسلم معه أربع فقط قبل الدخول وفي هذه الحالة يبقى النكاح على الأربع المسلمات معه ويفسخ فيما عداها حتى ولو أسلم الزائد بعد ذلك لأن إسلامهن قد تأخر عن إسلام الزوج قبل الدخول فتقع الفرقة بينهما في الحال .
الصورة الخامسة : أن يسلم أربع فقط بعد الدخول معه . أو قبله . أو بعده . وهن في العدة ثم أسلم الزائد عن الأربع بعد انقضاء العدة وفي هذه الحالة يتعين قصر النكاح على الأربع المسلمات ويفسخ فيما عداهن أما إذا أسلم الزائد قبل انقضاء عدة الأربع فإنه لا يتعين النكاح في الأربع بل يكون للزوج الحق في اختيار أربع من بين الجميع ومثل هذا ما إذا أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن أو بعدها كحكمهن .
واعلم أن الاختيار إما أن يكون اختيارا للنكاح . أو اختيارا للفسخ والألفاظ الدالة على اختيار النكاح تنقسم إلى قسمين : ما يدل عليه صريحا . وما يدل عليه كناية فما يدل عليه صريحا فهو ما يذكر فيه لفظ النكاح . كقوله : اخترت نكاحك أو ثبت نكاحك وما يدل عليه كناية هو ما لا يذكر فيه لفظ النكاح . كأن يقول لها : اخترتك أو ثبتك فإن هذا كناية عن اختيار نكاحها . وكما يكون اختيار النكاح باخترت . وثبت كذلك يكون بأمور : .
أحدها : أمسكت فإذا قال : أمسكتك فقد اختار نكاحها . ثانيا : ألفاظ الطلاق سواء كان صريحا . أو كناية . ومعنى كون الطلاق اختيارا للنكاح أنه إذا طلق واحدة منهن كان معنى ذلك الضمني أنه اختار نكاحها . إذ لو لا ثبوت النكاح ما تحقق الطلاق فكأنه قال : اخترت نكاحك وطلقتك . وعلى هذا إذا طلق الأربع المباحات له فقد اختار النصاب . وفسخ عقد الباقيات بحكم الشرع . فلا يبقى له منهن واحدة على ذمته . ثالثها : لفظ الفراق . ولكن لفظ الفراق لا يكون اختيارا للنكاح إلا إذا نوى به الطلاق . وذلك لأن لفظ الفراق مشترك بين الطلاق والفسخ . فإذا أريد منه الطلاق كان معناه أنه اختار نكاحها ثم طلقها أما إذا أريد منه الفسخ كان معناه أنه فسخ ما لا ثبوت له لأن الفسخ يرد على الفاسد من أول الأمر ولا يصح الاختيار بالوطء خلافا للمالكية . والحنابلة لأن الاختيار إما أن يكون في حكم ابتداء النكاح فكأنه يريد العقد عليها الآن وإما أن يكون في حكم استدامته وكلاهما لا يتحقق بالفعل الذي يشبه التعاطي في البيع بل لا بد فيهما من القول فيلزمه أن يقول ما يدل على الاختيار حقيقة كاخترت أو ضمنا كالطلاق وكذا لا يصح الاختيار بالظهار . ولا بالإيلاء خلافا للمالكية ووفاقا للحنابلة أما الحنفية فلهم تفصيل آخر سوى هذا فارجع إليه لتعرف الفرق فإنه شاسع .
وهل الاختيار واجب فورا . أو على التراخي ؟ الظاهر أنه واجب فورا ثم إذا حصر عددا معينا ليختار منه وطلب الإمهال ليعين يصح أن يمهل ثلاثة أيام ويجبر على التعيين فإن تركه أجبر عليه بالحبس فإن أصر عزر بالضرب .
ويشترط أن يكون الزوج المختار بالغا عاقلا وإلا وقف الأمر فلا يصح الاختيار منه ولا من وليه وفاقا للحنابلة وخلافا للمالكية القائلين بصحة اختيار الولي .
وتبتدئ عدة المفارقة من وقت إسلامها . أو إسلام الزوج إن كان متقدما على إسلامها . لأن الإسلام هو سبب الفرقة .
هذا وإذا جمع بين الأم وبنتها ثم أسلم فإن كان قد دخل عليهما معا حرمتا عليه أبدا وفرق بينهما وإن كان قد دخل بالأم فقط حرمتا عليه كذلك وإن لم يدخل بواحدة منهما حرمت الأم دون البنت وكذا إذا دخل بالبنت دون الأم فإن الأم تحرم دون البنت .
المالكية - قالوا : اختلف علماؤهم في أنكحة أهل الكتاب التي تقع بينهم مستوفية للشرائط التي عند المسلمين فقال بعضهم : إنها فاسدة لأنه يشترط لصحتها الإسلام فمتى كان الزوجان كافرين كان عقد زواجهما فاسدا ولو استكمل شروط الصحة من شهود . وولي . وصيغة إيجاب وقبول . ومهر . وخلو من الموانع وهذا هو المشهور وقال بعضهم : إذا استكملت شرائط الصحة تكون صحيحة في نظر الشريعة الإسلامية أيضا أما كون إسلام الزوج شرطا في صحة العقد فمحله إذا كانت الزوجة مسلمة أما غير المسلمة فلا يشترط فيها إسلام الزوج وهذا هو الظاهر وعلى هذا لا يكون في هذه المسألة خلاف بين الأئمة لأن الحنفية . والشافعية . والحنابلة يحكمون بصحة عقودهم التي وافقت عقودنا .
ولكن الحنفية قد نقلوا عن المالكية القول الأول واحتجوا عليهم بقوله تعالى : " وامرأته حمالة الحطب " لأنه لو لم تكن الزوجية صحيحة بين أبي لهب وبين حمالة الحطب لما أخبر الله عنها بكونها امرأته فإن امرأة الرجل في العرف واللغة زوجه واستدلوا أيضا بحديث " خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح " أما الدليل الأول فإنه يكفي في إثبات هذا الفرع وإذا كان القول الصحيح عند المالكية موافقا لما عليه الأئمة الآخرون . فلا خصومة تستدعي الرد عليها . وأما الدليل الثاني فهو منقوض وذلك لأنك قد عرفت وجهه وهو أن النبي A أخبر بأن نكاح أجداده صحيح ليس بسفاح - مع كونهم مشركين - لأنه كان موافقا لقواعد الإسلام وإلا كان من سفاح الجاهلية ووجه نقضه أن أجداد النبي A كانوا مسلمين لا مشركين لأنهم كانوا يعبدون الله على شريعة إبراهيم وليس نقل هذا القول مقصورا على الرافضة فقط كما نقله بعض الفقهاء عن أبي حيان في تفسير قوله تعالى : { وتقلبك في الساجدين } وعلى فرض نقله عنهم وحدهم فإنه لا يضر في الموضوع لأنهم نقلوا مسألة تاريخية يؤيدها العقل والمنطق السليم على أن هذا القول منقول عن كثير من المؤرخين وشراح الحديث والمفسرين عند قوله تعالى : { وإذ قال إبراهيم لأبيه } فإنهم قالوا : إنه عمه لأن أجداد النبي جميعهم موحدون نعم نقل عن بعضهم أنه تأثر ببعض عادلت قومه ولكن في غير التوحيد وسبب ذلك ضياع شريعة إبراهيم من بينهم ولو أنها وجدت لاستمسكو بها جميعا أصولا وفروعا .
ويدل لذلك ما ورد من أن نور النبي A كان ينتقل في الأصلاب والأرحام الطاهرة حتى وصل إلى عبد الله وآمنة . وقد نص الله تعالى على أن المشرك نجس . قال الله تعالى { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام } . فكيف ينتقل نور النبوة في الأصلاب التي حكم الله بأنها نجسة كنجاسة الخنزير ؟ أظن هذا بعيدا كل البعد .
( يتبع . . . )