وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يحجر على السفيه كما يحجر على الصبي والمجنون وفي تعريفه وما يتعلق به تفصيل في المذاهب .
( الحنفية - قالوا : الحجر على السفيه هو المفتى به في المذاهب وهو المختار كما تقدم وتعريف السفيه : هو الذي لا يحسن إدارة ماله فينفقه فيما لا يحل وفي البطالة ويعمل فيه بالتبذير والإسراف ومن الإسراف الموجب للحجر : دفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمام والديكة ونحوهما بثمن غال " غية " وصرف الأموال في المقامرة وغير ذلك من الأنفاق في غير ما يقتضيه العقل والشرع وكذلك إذا أنفق ماله في عمل من أعمال الخير كبناء مدرسة أو مسجد أو مصح فإنه يعد سفيها ويحجر عليه لأن الله تعالى إنما كلف الإنسان بعمل الخير إذا كانت حالته المالية تسمح بذلك بحيث لا ينفق ماله ويفلس من أجل عمل الخير .
ولا يحجر على السفيه إلا بحكم الحاكم على الراجح فإذا تصرف قبله فإن تصرفه ينفذ ويقع صحيحا فإن رشد فإن رشده لا يثبت إلا بحكم الحاكم وقال محمد : إن إفساده في ماله يوجب الحجر عليه وإصلاحه يوجب فكه بقطع النظر عن الحاكم .
وقد عرفت أن الإمام يقول : إنه لا يحجر على الحر العاقل وإن كان سفيها إلا أنه إذا لم يثبت رشده بعد بلوغه فإنه لا يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فإذا تصرف في ماله بعد البلوغ قبل أن يبلغ ذلك السن فإن تصرفه ينفذ لأنه ليس محجورا عليه وإنما هو ممنوع عن ماله تأديبا وزجرا ولكن هذا غير المفتى به .
وحكم السفيه المحجور عليه كحكم الصبي المميز في التصرفات التي تحتمل الفسخ ويبطلها الهزل كالبيع والشراء أما التصرفات التي لا تحتمل الفسخ ولا يبطلها الهزل كالنكاح والطلاق والعتق فإنه لا خلاف في أن السفيه البالغ تنفذ تصرفاته فيه .
فإذا تزوج فإن زواجه ينعقد ثم إذا سمى مهرا كثيرا فإنه لا يلزم إلا بمهر المثل ويبطل ما زاد عليه وإن طلقها قبل الدخول وجب نصف المسمى وإذا طلق ينفذ طلاقه وإذا أعتق ينفذ عتقه ولكن يلزم العبد بالسعي في قيمته وكذلك تجب عليه العبادات المالية كالزكاة وعلى القاضي أن يدفعها إليه ليفرقها لأنها عبادة لا بد فيها من نية ولكن يبعث معه أمينا كي لا ينفقها في غير وجهها .
وكذلك الحج فإنه يجب عليه ويصح منه وكذلك سائر العبادات أما الصبي فإن العبادات وإن كانت تصح منه ولكنها لا تجب عليه .
ويصح أن يوصي السفيه من ماله بالثلث إن كان له وارث بشرط أن يوصي بالإنفاق على عمل خيري كالإنفاق على الفقراء والمساكين أو بناء مصح أو قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك أما إذا أوصى بملعب أو ناد أو نحو ذلك فإن وصيته تكون باطلة ولا تنفذ أما الصبي فإن وصيته لا تنفذ .
وكذلك يعامل بإقراره إذا كسب مالا جديدا بعد الحجر عليه ولو لم يفك عنه الحجر فإذا أقر لشخص بدين بعد الحجر عليه ثم كسب مالا أثناء الحجر . فإن للشخص أن يأخذ دينه من المال الجديد ولو لم يفك حجره .
أما السفيه الذي حجر عليه بسبب السفه فإن إقراره حال الحجر لا يعتبر لا بعد الحجر ولا في أثنائه في المال الحاضر وقت الحجر أو المال المكتسب بعده .
المالكية - قالوا : السفه هو التبذير وعدم حسن التصرف في المال فمتى اتصف الشخص بذلك سواء كان ذكرا أو أنثى فإنه يكون مستحقا للحجر عليه فإذا عرض له السفه بعد بلوغه بزمن قليل كعام فإن الحجر عليه يكون من حقوق أبيه لأن ذلك الزمن قريب البلوغ فكان في حكم الصبي والحجر على الصبي من حقوق الأب كما تقدم . أما إذا عرض له السفه بعد البلوغ بزمن أكثر من عام فإن الحجر عليه لا يكون إلا بحكم لحاكم .
فإذا تصرف السفيه الذكر قبل الحجر عليه فإن ذلك يشمل أمورا : .
أحدها : أن يكون السفه قد عرض له قبل البلوغ ثم استمر بعده وله أب أو وصي حكم هذه الصورة قد عرفت مما تقدم وهو أنه يستمر الحجر عليه من غير احتياج إلى فك وحجر جديدين ويكون المرجع في تصرفه للولي كما تقدم .
ثانيها : أن يعرض له السفه وهو صغير ثم يبلغ سفيها وكان يتيما لا أب له ولا وصي ولم يقم الحاكم له قيما ويسمى بالسفيه المهمل . وحكم هذا : أن تصرفه قبل الحجر عليه بعد البلوغ يقع نافذا على الراجح لأن العلة في عدم نفاذ التصرف إنما هي الحجر فمتى انتفى الحجر نفذ التصرف فإذا وضع الحجر عليه فلا يرفع إلا بالحكم بفكه ولو صار رشيدا .
ثالثها : أن يعرض له السفه بعد البلوغ وتصرفه قبل الحجر عليه وفي هذه الصورة ينفذ تصرفه أيضا .
أما إذا تصرف وهو صبي يتيم لا أب له ولا وصي قبل أن يقيم الحاكم له وصيا فإن تصرفه يكون باطلا بلا خلاف .
وإذا تصرفت الأنثى البالغة السفيهة التي لا ولي لها " وتسمى بالمهملة " فقال بعضهم : إن أفعالها تنفذ كالذكر . وقال بعضهم : لا تنفذ ما لم تتزوج ويدخل بها زوجها وتقيم معه مدة يحمل أمرها فيها على الرشد واختلف في تقدير هذه المدة وقد نقل بعضهم أن الذي كان عليه العمل في تقديرها هو أن يمضي عليها في بيت زوجها نحو السنتين أو الثلاث فإذا تصرفت قبل هذه المدة فلا ينفذ تصرفها فإذا لم تتزوج فإن أفعالها لا تنفذ إلا إذا بلغت سنا لم تعد صالحة فيه للزواج واختلف فيه فقيل : هو حد الأربعين سنة وقيل : من خمسين إلى ستين .
أما الصغيرة التي لها أب أو وصي فقد عرفت أنها محجورة بهما ولا ينفك حجرها إلا إذا توفرت فيها الشروط المتقدمة وهي : البلوغ والرشد - بمعنى حفظ مالها من الضياع - ويزاد على ذلك أن تتزوج ويدخل بها زوجها ويشهد عدلان فأكثر على حسن تصرفها فإن لم يدخل بها الزوج فإن الحجر يستمر عليها ولو شهد عدلان برشدها ومتى تحققت هذه الشروط فإن الحجر يرفع عنها وتنفذ أفعالها على المعتمد . وبعضهم يقول : إن الحجر لا يرفع عنها إلا إذا مضى عليها عام بعد دخولها على زوجها وشهد الشهود بعد العام بصلاحها . وبعضهم يقول غير ذلك .
ولا تحتاج في رفع الحجر عنها بعد تحققه إلى أن يفك الحجر أبوها إذا كان وليها وإنما تحتاج إلى ذلك إذا كان الولي غير الأب كما تقدم .
وصورة الفك أن يقول الوصي لعدلين أو أكثر : أشهدوا أني فككت الحجر عن فلان ومحجوري وأطلفت له التصرف وملكت له أمره لما قام عندي من رشده وحفظه لماله .
وللأب أن يفك الحجر عن بنته بعد البلوغ مطلقا قبل الدخول أو بعده ولو لم يعلم رشدها من الشهود . أما الوصي فإن له أن يفك الحجر بعد الدخول بها ولو لم يعرف رشدها من الشهود وأما الذي أقامه القاضي ويقال له " مقدم القاضي " فالراجح أنه ليس له أن يفك حجرها قبل الدخول مطلقا أما بعد الدخول فإن له أن يفكه إذا عرف رشدها من الشهود .
وتصح وصية السفيه كما تصح وصية الصبي المميز . وحكم تصرفه كحكم تصرف الصبي المميز المتقدم .
الشافعية - قالوا : السفيه هو المبذر في ماله وهو الذي ينفقه فيما لا يعود عليه بمنفعة عاجلة أو آجلة كأن يقامر به أو ينفقه في اللذات المحرمة الضارة بالبدن والعرض والدين كالزنا وشرب الخمر أو ينفقه في المكروهات كأن يشرب به الدخان أو يضيعه بسوء تصرفه كأن يبيع ويشتري بالغبن الفاحس إذا كان لا يعلم به أما إذا تساهل في بيعه وشرائه وهو عالم فإن ذلك لا يعد سفيها لأنه يكون من باب الصدقة . وكذلك إذا أنفق ماله في وجوده البر والخير كبناء المساجد والمدارس والمصحات والتصدق على الفقراء والمساكين فإنه لا يكون بذلك سفيها . بل لو أنفق ماله في اللذات المباحة كالملبس والمأكل والمشرب ولو توسع في ذلك بما لا يناسب حاله فإنه لا يعد سفيها . ومثل ذلك ما إذا أنفقه في التزوج ونحوه من كل متاع حلال فإنه يكون قد أنفقه في مصرفه لأن المال إنما خلق لينفق في الخير وفي الاستمتاع بما أحله الله .
أما السفيه المبذر فإنه لا يخلو : إما أن يكون السفه قد عرض له وهو صغير ثم بلغ سفيها . وفي هذه الحالة يستمر الحجر عليه بدون حكم قاض وتكون تصرفاته غير نافذذة فإذا صار رشيدا فإن الحجر يزول بدون قاض أيضا . وأما إذا بلغ رشيدا ثم عرض له السفه فإن الحجر عليه يكون من حق القاضي وإذا تصرف قبل الحجر يكون تصرفه نافذا لأنه في هذه الحالة يكون مهملا . فإذا تصرف السفيه المحجور عليه ببيع أو شراء أو إعتاق أو نكاح أو هبة فإن تصرفه يقع باطلا ولكن يصح طلاقه ومراجعته كما يصح خلعه ويجب دفع عوض الخلع إلى وليه وغلا فلا يبرأ الدافع إلا إذا خالع بشرط أن يأخذ المال هو لا وليه فإنه في هذه الحالة يبرأ الدافع إليه لأنه علق الخلع على أخذ المال فلا يصح إلا إذا نفذ ذلك . وحكمه في العبادات المالية كالزكاة والحج وغيرهما من العبادات كالرشيد إلا أنه لا يفرق أمثال الزكاة بنفسه ويصح منه النكاح إذا أذنه وليه فإذا تزوج امرأة بإذن وليه وأمهرها مهر المثل فإن العقد يصح أما إذا زاد على مهر المثل فالمشهور أن النكاح يصح أيضا وتلغو الزيادة . وإذا عين الولي له امرأة خاصة فتزوج غيرها فإن العقد لا يصح إلا إذا كانت خيرا منها جمالا وحسبا ولم تزد عليها مهرا ونفقة فإن كانت كذلك فإن العقد يصح على المعتمد .
وإذا قال له الولي : إنني أدفع لك مهرا قدره كذا ولم يعين له المرأة التي يتزوجها فإن الإذن يصح وله أن يتزوج بذلك المهر ما يشاء .
وإذا تزوج السفيه بلا إذن وليه فإن نكاحه يكون باطلا ويفرق بينهما ولم يلزمه شيء وإن لم تعلم الزوجة أنه سفيه لأنها فرطت في عدم السؤال عنه .
وإذا اقترض السفيه شيئا أو اشتراه وقبضه وأتلفه فلا ضمان عليه لا في أثناء الحجر ولا بعد فكه عنه لأن مالكه أهمل ماله وسلطه عليه وجزاء المهمل الخسارة ولا فرق في ذلك بين أن يكون عالما بأنه سفيه أو لا لأنه في حالة عدم العلم يكون مقصرا .
إذا أقر السفيه بأنه استدان من شخص مالا قبل الحجر عليه أو بعده فإن إقراره لا يقبل وكذلك إذا أقر بأنه أتلف مال شخص أو قتل دابة ونحو ذلك مما يوجب عوضا ماليا فإنه لا يقبل على الأظهر ولا يعمل بإقراره بعد فك الحجر عنه . أما إذا أقر بما يوجب الحد والقصاص فإنه يعمل بإقراره .
ولا يصح إذن الولي في المعاملات سوى النكاح فإذا أذنه في بيع أو شراء أو تجارة فإنه لا ينفعه إذنه ولا يفيده شيئا على الراجح . وقيل : ينفع بشرط أن يقدر الولي العوض كأن يقول له : اشتر السلعة بعشرة جنيهات . أما ما لا عوض له كالهبة فإنه لا ينفع فيه إذن بالاتفاق .
الحنابلة - قالوا : السفيه هو الذي لا يحسن التصرف في ماله فإذا كان الشخص البالغ سفيها لا يحسن التصرف فإن الحجر عليه يكون من حق الحاكم فإذا كان السفه صفة له وهو صغير ثم بلغ رشيدا ولكن عاوده السفه بعد البلوغ أعيد الحجر عليه بمعرفة الحاكم . ومثله المجنون كما تقدم ولا يفك الحجر عنه إلا بحكم لأنه حجر ثبت بحكمه فلا يزال إلا به .
وإذا حجر على السفيه فإن تصرفاته تكون باطلة وللولي أن يأذنه في بعض التصرفات فتنفذ ومن ذلك الزواج فإن الولي إذا أنذه بأن يتزوج فباشر بنفسه فإنه ينفذ إلا إذا كان السفيه في حاجة إلى الزواج لمتعة أو خدمة فإن له أن يفعل وإن لم يأذنه وليه وسواء طلب منه ومنعه أو لم يمنعه ولكن لا ينفذ زواجه إلا بمهر المثل .
ويصح أن يطلق زوجه ويخلعها بمال يأخذه ويلزم السفيه بحكمه في الحال بدون إذن وليه إلا أن مال الخلع لا يصح دفعه إليه فإن دفعته المرأة إليه لا تبرأ منه وإذا أضاعه فقد ضاع عليها .
وكذلك يصح منه الظهار واللعان كما يصح إقراره بنسب كأن يقول : إن هذا الغلام ابني ولدته أمه على فراشي تلزمه أحكامه من النفقة وغيرها . وكذلك تصح وصيته كما تصح من الرشيد .
وتجب عليه الفرائض الدينية المتعلقة بالأموال كالزكاة ولكنه لا يباشر صرفها بنفسه بل يفرقها وليه سائر تصرفاته المالية ويصح منه نذر كل عبادة بدنية كالحج والصيام والصلاة ولا تصح هبته ولا وقفه لأن ذلك تبرع بمال وهو ليس أهلا للتبرع ولا تصح شركته ولا حوالته ولا الحوالة عليه ولا ضمانه لغيره ولا كفالته .
وإذا أقر لغيره فمال فإن إقراره يصح ولكن لا يلزمه ما أقر به في حال حجره بل يلزمه بعد فك الحجر عنه إذا علم الولي صحة إقراره بذلك الدين فإنه يلزمه أن يدفعه .
وعلى الولي أن ينفق عليه من مال بما هو متعارف بين الناس وكذلك على من تلزمه مؤونته من زوج ونحوها وحكم ولي السفيه كحكم ولي المجنون المتقدم )