لا يحل للمحرم كما لا يحل لغيره أن يتعرض لشجر الحرم بقطع أو قلع أو إتلاف ولا لغصن من أغصانه ولو كانت الأغصان واصلة إلى الحل أما إذا كان الشجر مغروسا في الحل فيباح التعرض له والانتفاع به إذا لم يكن مملوكا للغير ولو وصلت أغصانه إلى داخل الحرم ومثل الشجر في ذلك حشيش الحرم إلا الإذخر وهو نبت معروف طيب الرائحة وكذا السنا المعروف - بالسنامكي - فإنه يباح التعرض لها بالقطع وغيره . وفي شجر الحرم وحشيشه تفصيل مذكور تحت الخط ( الشافعية قالوا : يحرم التعرض لأشجار الحرم الرطبة . وحشيشه الرطب بقطع أو قلع أو إتلاف ولو كان مملوكا للمتعرض ما عدا ما ذكر . ويزاد عليه الشوك فيباح قطعه وإنما يحرم التعرض لشجر الحرم وحشيشه إن كان بغير قصد إصلاحه كأن يقلم الشجر لنموه وإلا جاز أما الشجر اليابس فيجوز قطفه وقلعه وكذا يجوز قطع الحشيش اليابس . أما قلعه فيحرم مطلقا . إلا إذا فسد منبته . فيجوز أيضا . ولا فرق في الشجر بين الذي نيت بنفسه : كالسنط وما أنبته الناس : كالنخل . فيحرم التعرض له مطلقا . أما الحشيش والحبوب ونحوها فإنما يحرم التعرض لها إذا نبتت بنفسها . فإذا زرعها الناس جاز لهم التعرض لها محرمين أو غير محرمين ويستثنى من المنع أمور : منها أخذ سعف النخل وورق الشجر بلا خبط يضر بالشجر وإلا حرم . ومها أخذ ثمر الشجر . وكذا عود السواك بشرط أن ينبت مثله في سنة . ومنها رعي الشجر بالبهائم . ومنها أخذه للدواء : كالحنظل والسنامكي .
الحنابلة قالوا : يحرم قلع شجر الحرم المكي وحشيشه إذا كان رطبين . ولو كان فيهما مصرة : كالشوك . وكذا السواك ونحوه . والورق الرطب . أما ما كان يابسا من الشجر والحشيش فلا بأس بقطعهما أو قلعهما . لأنهما كالميت وكذا لا بأس بقطع الإذخر والفقع والكمأة والتمرة وإن كان كل ذلكرطبا . كما لا بأس بقطع أو قلع ما زرعه آدمي من شجر أو حشيش لأنه مملوك الأصل ويباح رعي حشيش الحرم المذكور والانتفاع بما تساقط من ورق الشجر وما انفصل من الأرض أو انكسر من غير فعل آدمي ولم ينفصل المنكسر عن أصله أما ما قطعه آدمي فلا يجوز أن ينتفع به هو أو غيره .
الحنفية قالوا : النابت في أرض الحرم . إما أن يكون جافا أو منكسرا وإما أن يكون غير ذلك فالجاف والمنكسر لا يدخل في حكم شجر الحرم لأنه حطب وكذا حشيش الإذخر فإنه مستثنى من شجر الحرم وغير الجاف وهو قابل للنمو . إما أن يكون نابتا بنفسه أو لا . والأول إما أن يكون من جنس ما ينبته الناس : كالزرع . أولا : كالشجرة المعروفة - بأم غيلان - فالذي يحرم قطعه من ذلك هو الذي ينبت بنفسه وليس من جنس ما ينبته الناس . وهذا لا يجوز قطعه مطلقا . سواء كان مملوكا أو غير مملوك . إلا أنه إذا قطعه مالكه حرم عليه قطعه فقط وليس عليه جزاء وإذا قطعه غير مالكه فعليه الجزاء وسيأتي بيانه وعليه قيمته ويعفى عما يقطع من ذلك بسبب نصب الخيمة أو حفر الكانون أو وطء الدواب لأنه لا يمكن الاحتراز عنه أما الذي ينبته الناس أو ينبت بنفسه وهو من جنس ما ينبته الناس فإنه يحل قطعه والانتفاع به إذا لم يكن مملوكا للغير فإن كان مملوكا للغيرلزم دفع قيمته لمالكه .
المالكية قالوا : يحرم قطع ما شأنه أن ينبت بنفسه من الشجر والنبات : كالبقل البري وشجرة الطرفاء ولو زرع وسواء كان أخضر أو يابسا ويستثنى من ذلك أمور . أولا : الإخذر وهو نبت كالحلفاء طيب الرائحة ثانيا : السنا المعروف بالسنامكي للاحتياج إليه في التداوي ثالثا : قطع ورق الشجر بالمجن وهو عصا معوجة يضعها على الغصن ويحركها فيقع الورق من غير خبط وأما خبط العصا على الشجر ليقع ورقه فهو حرام وأما الشجر أو النبات الذي شأنه أن يزرع كالخس والحنطة والبطيخ والرمان فيجوز قطعه من أرض الحرم ولو كان نابتا بنفسه )