وأما كونه يجب إقامة الحدود على الإمام وواليه فوجهه واضح ظاهر لأن الله سبحانه قد أمر عباده بإقامة الحدود وقال الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقال والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف الآية والتكليف في هذا وإن كان متوجها إلى جميع المسلمين ولكن الأئمة من يلي من جهتهم ومن له قدرة على تنفيذ حدود الله مع عدم وجود الإمام يدخلون في هذا التكليف دخولا أوليا ويتوجه إليهم الخطاب توجها كاملا .
ومما يدل على تأكد الوجوب ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عائشة قالت كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي A بقطع يدها فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم النبي A فيها فقال له النبي A يا أسامة لا أراك تشفع في حد من حدود الله D ثم قام النبي A خطيبا فقال إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها فقطع يد المخزومية ومن هذا حديث من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله D في أمره أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه من حديث ابن عمر ومن ذلك حديث ما بلغني من حد فقد وجب أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص وفي الباب أحاديث دالة على عدم جواز إسقاط الحدود وعدم جواز الشفاعة فيها وأحاديث قاضية بالترغيب في إقامتها والترهيب عن إهمالها