يقرب به إلى من شاء وكيف شاء مع وجود مطلق القربة وإن كان غيرها أعلى منها .
وأما كونه لا يعتبر القبول بل يكفي عدم الرد فعدم الرد قبول تام وقد عرفناك غير مرة أن اعتبار الألفاظ إما مجرد جمود أو قصور عن إدراك حقائق الأمور .
قوله والفقراء لغير ولده ومنفقه .
أقول المعتمد في مثل هذا العرف الشائع بين القوم الذين منهم الناذر فإن ثبت هذا العرف فهو المقدم على لغة العرب وغيرها لأن الناذر لا يقصد بكلامه إلا عرف أهل جهته فإن عرف من قصده أنه أراد المعنى اللغوي والشرعي وجب العمل بذلك وإن لم يقصد ولا وجد كان الظاهر دخول ولده ومنفقه في عموم الفقراء لأنهما من جملتهم ولا مانع من ذلك لا من شرع ولا عقل وأما دخول الناذر نفسه فعلى الخلاف في دخول المخاطب في خطاب نفسه .
وهكذا الكلام في النذر على المسجد من غير تعيين فإن المعتبر ما يطلق عليه هذا الإسم في عرف الناذر وأهل بلده فإن لم يكن عرف رجع إلى مقصده فإن لم يكن له قصد فالظاهر أن مراده المسجد الذي يصلي فيه وإن كانت مساجد البلد كثيرة فصلاته في أحدها فيها وجه وتخصيص وإن كان يصلي في جميع مساجد بلده أو يصلي في بيته كان الأولى بذلك أقرب مسجد إلى بيته فإذا استوت في القرب كان الأولى ما يكثر فيه المصلون وتقام فيه الجماعات لكثرة من الناس وإلا حصص المنذر به بينها لعدم المزية الموجبة للترجيح لبعضها على بعض .
قوله وفي الفعل كونه مقدورا .
أقول وجه هذا الاشتراط معلوم عقلا وشرعا أما عقلا فلكون نذره بما لا يقدر عليه إذا كلف بالوفاء به كان ذلك من تكليف ما لا يطاق وأما شرعا فلكون ما لا يقدر عليه لا يملكه وقد ثبت في الصحيح أنه لا نذر فيما يملك ابن آدم كما تقدم